اشتهر أداء والدتي السيدة أناليزا شتالكنشت الحواصلي بأسلوب
متميز ولون نغمي وإثارة عامة. كانت قادرة على تحقيق مآثر تقنية ملحوظة، وأداء أهم القطع
الموسيقية مثل عزف الحركة الثانية من "كونشرتو بيانو موزارت رقم 20 / Mozart's Piano Concerto No.
20" والحركة الثانية من كونشيرتو البيانو
"شوبان رقم 1 و 2 /
"Chopin Piano Concerto Nos. 1 & 2" وليست الرابسودي المجرية رقم 2 "Liszt: Hungarian Rhapsody No.2" و"بيتهوفن: إلى إليز / Beethoven's Für Elise" وأغنية "ستصل سفينة / Ein
Schiff wird kommen".
كانت أصابعها تحلق على مفاتيح البيانو، مع الضغط عليهم
وفق رقة أو قوة النوتة المطلوبة. كنت اصطحبها إلى دار الأوبرا أو قاعة المؤتمرات لحضور
الحفلات الموسيقة، كانت تضغط على يدي عندما يرتكب عازف البيانو أو الكمان، أو أي آلة
أخرى، خطأ ما "نشاز"، وكذلك كانت تتأثر عندما يؤدي العازف أداء جيداً.
عندما كانت فرقتنا تتدرب في سقيفة المطبخ، توقفنا وتقول
لخالد حداد (عازف الباص) أو أخي رسلان (مغني الفرقة وعازف الجيتار): "وتر الغيتار
الثاني أو غيره بحاجة لـ "دوزان".
في يوم من الأيام طلبت من عازف البيانو المحترف أحمد أصيل
"رحمه الله" أن يزورني بالمنزل لـ "دوزنة" البيانو، دهش عندما
شاهد البيانو وقال لي: "بيانو هوفمان؟ أنه واحد من أهم الماركات العالمية، من
أين حصلت عليه؟"
أجبته: "هذا ما طلبته الوالدة من والدي فور وصولها
إلى دمشق سنة ١٩٤٥، وقد حقق والدي (رحمه الله) رغبتها على الفور."
طلب (أحمد أصيل)، الذي كان يعزف في "لوبي" فندق
"الفردوس" دعوتها للفندق للتعرف عليها، أقترب من طاولتنا بعد الاستراحة وطلب
منها أن تعزف أي مقطوعة، جلست خلف البيانو بثقة وثبات وبدأت عزف "ليست: الرابسودي
الهنغارية رقم 2 " ثم أغنية "ستصل السفينة"
اندهش أحمد بعد سماعه عزف أمي وقال لي: "إنها عازفة محترفة"، ثم رافقها إلى طاولتنا وقّبل يدها، وشكرها لتلبية طلبه. لقد كانت أمي السبب الرئيس لإعجابي بالموسيقى الكلاسيكية، كنتُ أسألها عندما كنت أستمع إلى عزفها وأنا طفل عن أسم المقطوعة التي تؤديها، وكانت هي السبب لتأسيس محلي "كلاسيك للموسيقى / Classic Music Shop"، بعد أن أسست بفضلها مكتبة موسيقية من خلال الأقراص المدمجة "CD’s" التي كنت أوصيها أن تجلبها لي من ألمانيا. رحمها الله.