في حفل تخريج الدورة الأولى من مدرسة الكوادر في
الجبهة سنة 1970 في الأردن، قدم الحكيم محاضرة عن حرب التحرير الشعبية، وتوقف
كثيرا عند التجربة الفيتنامية لأهميتها في هذا المجال. ولما انتهى من المحاضرة
افتتح باب النقاش والحوار وطرح الأسئلة. وجرت بعض النقاشات المهمة. في ختام
المحاضرة عاد الحكيم للسؤال:
هل هناك رأي أو سؤال آخر؟
رفع " أبو علي الحمصي" يده يريد الكلام،
فتفاجأ الحكيم، لكن علامات الفرح والسرور بدت طافرة من عينيه. فأبو علي لم تكن من
صفاته الاهتمام بالفكر ولا بالنقاشات، ولم يكن عضوا في الدورة، وجوده فيها كان
تحصيل حاصل لأنه أحد مرافقي الحكيم الذين يعتمد عليهم، لوفائه وشجاعته.
وبكل سرور قال له الحكيم تفضل يا أبو علي، أكيد لأول
مرة ستناقش، ولولا وجود أهمية لما ستقول لما كنت طلبت الكلام!
بدأ أبو علي سؤاله بتمهيد عاد به الى أهم ما جاء على
لسان الحكيم في المحاضرة، ومكث عند قول الحكيم:
" إن ثورتنا يمكن ان تستمر خمسين أو ستين عاما،
والفيتناميون استغرقت ثوراتهم أربعين عاما، وفي النهاية سينتصرون".
بعد أن كرر ابو علي هذه الفكرة، توجه بسؤاله "
القوي" للحكيم وطرحه على النحو التالي:
" طيب يا رفيق طالما انت قلت بدنا اربعين سنة أو أكتر
نستمر بالثورة. ليش بتضلك وين ما كنا وكل يوم وكل لحظة تقولي: اقرأ يا أبو علي..
الثورة علم يا أبو علي.. ما في ثورة بدون فكر يا أبو علي..
أربعين سنة او خمسين إذا كل يوم تعلمت جملة او تنتين
وفهمت فكرة زغيرة، بأربعين سنة بصير مثقف وبفهم بكل شيء.. بس لا تضل تشد عليي
لأقرأ..
ضحك الحكيم من قلبه وضحك الخريجون. وقال له الحكيم:
لازم تقرأ "وقهقه من قلبه".