2023-01-25
عودة الخلافة .. وهم المشروع ومشروع الوهم ! .. للكاتب : أسد القصار
... يتطلع الكثيرون الى مسألة عودة الخلافة الإسلامية ، وتصوير الخلافة كشكل أمثل للدولة .فهل كانت الخلافة كذلك فعلا ؟سيلٌ من الأمجاد والبطولات والزهاء والرفعة والعلو والسمو والرفاهية والسؤدد ؟ كما تعودنا سماع ذلك من على منابر الجوامع والمساجد ؟! الصيغة تجعل سامع هذا الخطاب حائر في كون النبي محمد نبي يحمل رسالة ودين ، أو صاحب مشروع سياسي وملك ودولة .لقد استخدم محمد السياسة لخدمة مشروع الرسالة والدعوة ، فيما استخدم الدين كل من أتى بعده منذ مبايعة أبو بكر الصديق بالخلافة حتى مبايعة أبو بكر البغدادي انتهاءا بأردوغان الملقب بخليفة المسلمين كرافع أو حامل لخدمة المشروع السياسي والاقتصادي والدولة . وشتان أن يستوي المذهبين وهل يستوي من تعاكس مبدأه ومبناه ؟فهل يصح أن نجعل من الخلافة كنظام أصلا من أصول الدين و أمرا مقدسا طهريا لا يجوز نقده أو تفنيد أخطائه ؟بالطبع لا،،، فكما كان في ظل نظام الخلافة إضاءات وومضات نور وعدالة هنا وهناك (ذات جذر فردي مصدره الأشخاص لا النظام نفسه ) ، وتقدم للعلوم والفلسفة والترجمات واكتساح عسكري وانتصارات في كافة اتجاهات البوصلة ،،، انكارها هو مازوخية وجلد للذات ارفضه ولا أستسيغه . لكنه حوى الكثير الكثير من اللطخات السوداء ... فهو نظام بشري غير خالٍ من القدسية مليئ بالأخطاء والهفوات والسرقات والسقطات والمجازر والعنصرية والفئوية والشعوبية والشهوانية والاباحية الجنسية والمحسوبيات والفساد وحتى الجرائم الإنسانية في كثير من صفحاته. لا يتسع منشور أو مقال قصير محدود للحديث حتى عن واحد منها وإعطائه حقه .وعليه تسقط ملائكية ومثالية الخلافة التي حاول الكثيرون ترسيخها في عقولنا ، لتأخذ مكامنا الطبيعي ، نظام سياسي منقرض وبائد له وعليه يصلح للدراسة واستخلاص الدروس لا لإعادة اجتراره وتطبيقه كما هو .وهنا سأقوم بنقد نظام الخلافة من ناحية البنيان والمبدا في البعض من النقاط :- لا انتقاء للحاكم أو الخليفة .. بل هو مفروض من قبل فئة نخبوية أو قوة عسكرية مع اهمال وتهميش واستقذار لرأي وقرار عامة الشعب- لا يوجد عقد اجتماعي واضح بين دولة الخلافة وبين الرعية ( الشعب) ، ما دام الحاكم لا يظهر منه كفر بواح فالعلاقة الوحيدة التي دعمتها الدلائل من الآيات والاحاديث .. هي علاقة الآمر والمأمور ... لا حقوق منظومة ولا حريات . ولا رفض للظلم فتلك أمور محظورة.. السمع والطاعة فقط .-لا يوجد آلية محاسبة للخليفة فهو ظل الله على الأرض رغباته واوامره وكل ما يتطلع إليه ويفعله مقدس ، خطأه اجرامه ظلمه الخ أمور لا يحق لأحد من الناس محاسبته عليها .- معارضة الخليفة أو حتى مجرد الاختلاف معه بالرأي جريمة توجب القتل وانهاء الحياة- مسألة تطبيق الحدود الشرعية أو حتى العودة للنصوص القرآنية في التحكيم في عظائم الأمور مسألة مزاجية للغاية .. لم ولن تشهد رسوخا او ثبوتا او مساواة أو مبدئية منذ قيام أول خليفة في الإسلام حتى سقوط آخر خليفة.،، هذا نظام لا يختلف في بنيانه وهيكله وادبياته وقمعه وفؤيته عن نظام أتاتورك أو ناصر أو صدام أو حافظ أوالنظام السعودي أو النظام السيساوي في مصر سوى في قشرته الدينية التي تغلفه . قبلت في يوم ما مجموعة بشرية حديثة الخروج من البداوة والفوضى والعشوائية والقبائلية والجهل " العرب "هكذا نظام قاسٍ للغاية ، وهو نظام متشابه مع أنظمة حكم مجاورة ( الرومان ، الفرس ) ممن كانوا مطابقين له في الاستبدادا وتهميش الشعوب .لكن وبعد دخول الدنيا كلها زمن الحداثة والعلوم والتحرر والتقدم والبناء وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وبداية تشكل القوام الجديد للدول والعلاقات الدولية والسياسة والفكر، كيف دفع الآباء الأولين للإسلام السياسي في نهاية القرن التاسع عشر وطوالع القرن العشرين عجلة الفكر الجمعي لدى شعوبنا للطموح الى العودة إلى الخلف ..... إلى الخلف كثيرا الى نموذج الخلافة بكل عطابه وعلله لا التقدم اوالتفكير في ايجاد النظام الانجع والاحدث والأقوم والأصلح لتلك الشعوب وابراز فكرة عودة الخلافة ... كطوق نجاة وحيد لتلك الشعوب عن نشأة هذا المنهج وهيكليته وسيرورته أفرد مقالا منفردا سأنشره لكم قريبا في وقت لاحق .أسد القصار ألمانيا - زاكسن
أكمل القراءة