#
#
الرئيسية / البحث عن طريق اسم الكاتب
عمر حمزة
Responsive image

2023-01-25

متلازمة ال (عيب ) و (المابيصير هيك)

  ثقافة أو لربما مصيبة. حملها أغلب السوريين في حقائبهم اثناء رحلتهم المرعبة في ذاك القاتل المطاطي المسمى "بِلم."ورغم سقوط الكثير من أمتعتهم وربما نقودهم أثناء تلك الرحلة، ظل "العيب" ملتصقاً ثابتاً كالصمغ بحقائبهم وصدورهم. شيء يشبه العار الذي يلاحقنا. والمشكلة في ذلك العيب أنه يشبه "البِلم" في بُنيتهِ المطاطية. أو كقالب الصابون. كلما حاولت الإمساك به من طرف، خانكَ وأفلت منك من الطرف الآخر.لا تعريف ثابتاً له. لكل حضارةٍ عيبها الخاص بها، والذي لا نستطيع إسقاطه على الحضارات والثقافات الأخرى. فظهور البطن وسُرة المرأة عند الهنود أمر غير معيب بينما ظهور شيء من كتفها عيب وعار.  وحضن التحية أو قبلة الخد بين الرجل والمرأة في أوروبا أمرٌ طبيعي لا يثير التساؤلات والنظرات المريبة. بينما رمي القمامة في الطرقات عندهم عيب كبير، وهو ما نعتبره في بلادنا حق مشروع. هذه الاختلافات في ثقافة العيب أمر مقبول من حيث المبدأ. (إيه بس نحن ما عنا مبدأ سيد راسي). إيه نعم !!.. فنحن نريد تصدير فكرة (عيب عليك) إلى المجتمعات التي انتقلنا إليها، بل وفرضها عليهم. بينما نرفض في المقابل ما لا يرونه هم عيباً، بل ونصارعهم عليه.وقد يصل بنا الأمر لنتظاهر نصرةً لفكرة عيبنا التي نعتنقها. كإصرارنا على إجبار الجميع احترام معتقداتنا ورموزها، في ذات الوقت الذي ندعو عليهم بمكبرات الصوت في مساجدنا، ونلعن نساءهم وأطفالهم وسلسفيل جدودهم.أو كالمرأة العورة، وخصلات شعرها "اللي عيب تظهر" والتي لا تثير إلا العربان في الواقع.وكفها الذي إن صافح كف رجل قد يجعل ذلك من زوجها عرصاً أو ديوثاً. يا رجل حتى ضحكتها إذا "لعلعت" على قولة المصريين، البعض يعتبرها "جريمة عيب."  استفسار من الابن أو الابنة عن الجنس هو عيب. مع أن الجنس مسيطر على ثقافتنا وأفكارنا بل وفقه فقهائنا الأوادم.. الحديث عن المثلية بواقعية هو عيب. يا رجل حتى وصفنا لها بـ "مثلية" هو عيب ولا يجوز. اسمها شذوذ يا مندمج يا اللي نسيت أصلك وصار ما عندك حياء ولا دين. يا أخي حتى الحديث عن عيوب مجتمعاتنا بحد ذاته عيب. فنحن كاملين مكملّين وعين الله تحرسنا من عين الحسود. وباقي شعوب العالم عرصات وولاد ستين كلب. كل ذلك وغيره مما لن يسعفني الوقت لذكره. حملناه مع ثيابنا وهمومنا وخيباتنا من تلك البلاد التي لفظتنا في عرض البحر إلى بلاد ليست مثالية، لكنها واقعية، تحترم اختلاف الآخر بل وقد تستفيد منه.انظر يا رعاك الله إلى اهتمامهم بالمطبخ السوري والأدب والفنون. حتى الدبكة والعراضة الشامية عرفوها. بينما رفض أغلبنا صالحهم قبل طالحهم، وتقوقع على نفسه وفرض قوقعته على زوجته وأولاده مكتفياً بأن يكون شيئاً غير قابل للاندماج مع حضارة لا تختلف كثيراً من حيث المبدأ عن حضارة بلاده، باستثناء إنهم لا يقلبون (الشحاطة) ولا يدخلون الحمام برجلهم اليسرى. وعندما يقومون بما هو عيب بالنسبة لنا، يقومون به على عينك يا تاجر، بينما نحن نقوم بالعيب تحت الدرج وبين الشجر. 
أكمل القراءة