#
#
الرئيسية /إشكالات اجتماعية
إشكالات اجتماعية
Responsive image

2023-03-12

المرأة والبحث عن القوة !

د. ماجد مغامس

يبين علم النفس التطوري أن المرأة منذ الإنسان الأول كانت تهتم بعنصر القوة في اختيارها للشريك، ولذلك كانت حريصة على اختيار الرجل القوي بدنياً. ومن هنا فمن البديهي أن تميل المرأة اليوم للرجال من ممارسي رياضة بناء الأجسام، والذين يظهر عليهم البناء العضلي بشكل واضح. ولكن، مع الإقرار بأن المرأة اليوم غالباً ترغب في الرجل ذو القوام الرياضي نسبياً، إلا أنه من الملاحظ أن غالبية النساء لا تميل للرجل مفتول العضلات بشكل كبير، بل يذهب بعضهن للشعور بالقرف من ذلك. فما السبب؟ وهل هذا يناقض رؤية علم النفس التطوري؟في الواقع هذا لا يناقض منظور علم النفس التطوري. فما زال عنصر القوة من أهم محددات اختيار الشريك عند المرأة، لكن ما تغير هو شكل هذه القوة الذي تبحث عنه المرأة. فعند الإنسان الأول، كانت المرأة تعيش في مجتمع لا يحكمه قانون، ولذلك كانت المرأة تسعى للحصول على رجل ذو بنية عضلية قوية، بحيث يستطيع تأمين الاحتياجات والدفاع عنها أو عن الأسرة في حالات التعرض للهجوم. أما اليوم، فمع تقدم القانون، لم يعد هناك إجمالاً داع للقوة البدنية لفض النزاعات. ومع دخول ميدان التنافس في العلم والعمل، أصبح مؤهلات الرجل العقلية، والعلمية، والعملية، والمادية هي معيار القوة الذي تبحث عنه المرأة بحيث تستطيع معه مواجهة تحديات الحياة الحديثة.  إذن لم يتغير سعي المرأة لقوة الرجل، بل تغير مفهوم هذه القوة.د. ماجد مغامس
أكمل القراءة

Responsive image

2023-02-07

فن الاقتراب..

فاتن علوش

في الحياة يصعب علينا تقبُّل فكرة أو شخص غصبا. يصعب تقبُّل من لا نتقاطع معه بشيء.. فكل شخص منا محاطٌ بهالة تحميه نفسياً واجتماعيا.. أي أنَّ له تردده الخاص.. فلا يمكننا الاقتراب من هذا الشخص إلاّ إذا استطعنا قراءة هذا التردد (فهم شخصيته).. قراءة إيماءاته وأفكاره... فمن يقرأ هذا التردد يسهل عليه الدخول إلى هذه الهالة ويكون أقرب.. فن الاقتراب هو فن يكتسبه الشخص أُسرياً.. هو ليس درساً أو عِلماً.. هو ما نسميه في مجتمعنا الذكاء الاجتماعي.. هو فن كامل.. يشبه إلى حد ما فن الرسم.. فالرسام لديه القدرة على دمج الألوان.. وفي الاقتراب يجب على الشخص أن يمتلك القدرة على تحليل لون الشخص المقابل ومحاولة إيجاد لون قريب منه عن طريق دمج الألوان في داخله.. ويشبه أيضاً العزف على آلة موسيقية.. لكل وتر تردد ونغمة.. وهذا ما يفسر انجذابنا لمقطوعة موسيقية أكثر من أخرى.. فتردد هذه المقطوعة يتقاطع مع أرواحنا..  الاقتراب.. فن وله أدواته.. كأي شيء في الحياة.. هو ممارسة واكتساب.. هو احتراف.. (أنظر في عيونه. فإن توسعت الحدقة.. فهذا يعني أن الحب مازال موجوداً في قلبه.. وإن بقيت الحدقة كما هي فهذا يعني أن الحب انتهى..( في مجتمعنا الشرقي.. حيث الذكر يمتلك كل القوانين.. يمتلك كل أدوات القوة.. فله الحق بمثنى وثلاث ورباع.. له حق الاختيار.. وحتى الانفصال.. لذلك نرى أن الأغلبية لا يعنيهم هذا الفن ولا يبذلون جهدا فيه.. وينظر دوما لشريكته على أنها أخصائيته النفسية التي يجب أن تفهمه من دون أن يتكلم.. فيصبح إطار الحوار بينهم ضيقاً جداً.. ويغيب الاستماع.. فتراهما متنافران دون أي تقاطع..  أما عند الأنثى فهو حاجة ملّحة.. فتراها من دون أن تشعر تبحث عن الوجود الدائم لشريكها بقربها.. فتحاول الصعود والنزول إلى تردده لتكون أقرب.. وتعود هذه الحاجة.. نظرا لطبيعتها الفيسيولوجية والنفسية وأيضا للكثير من الضغوط الاجتماعية التي تواجهها..حيث أن أغلب النساء في الشرق مازلنَ سجينات عقدة الطفولة..فقرب الشريك يخلق ذاك الشعور لديها بالأمان.. والحنان.. فتتنفس وجوده لأنها ترى فيه السند.. وأحيانا غياب الأمان والثقة في العلاقة يجعل المرأة دوما بحاجة لهذا الوجود ليطمئن قلبها..   "تسأله: كلما اقتربت منك أحسست أنك بعيد يجيبها: لأنك لا تتقنين فن الاقتراب.."  ومع الوقت تغدو هذه العلاقة الغارقة في الاحتياج سجناً خانقاً.. وتتحول إلى قفص.. فتكثر المجاملات.. وتموت اللهفة.. فإن كان الإلحاح سيبقيه فهذا لم يعد حباً.. بل مجاملة وعطفا.. وكما قال جلال الدين الرومي: " الحب كالدين لا إكراه فيه “. من يحبك سيكون بقربك حتى لو كان بعيدا..  لا تكوني سجنه.. لا تحاولي امتلاكه.. ليكن ملجأك ولتكوني ملجأه.. الحب لم يكن يوماً أسراً للحرية.. بل امتداداً لها.. وفيه فقط تكمن حريتنا.. لا تحولي أسمى المشاعر إلى سجن.. فتغدو العلاقة كالسجن والسجان... وفي النهاية أقول أتقني فن الاقتراب من عمق قلبك ولا تكوني جسراً بل كوني حديقة وسماء.. كوني أرضاً.. كوني القرار الذي يعتمد مصيرك عليه وأنت تدافعين عن حريتك.. حريتك التي ستبني أجيالاً من الأحرار إناثاً وذكوراً..--------- 
أكمل القراءة

Responsive image

2023-01-01

فروة جدّي

عيسى الشيخ جسن

كانت فروة جدّي ثقيلة، ثقيلة جدًّا، سوداء من قماشٍ سميكٍ أسود، وبطانتها من جلود خراف بيضاء. كانت ثقيلة ولكنّها دافئة، شاركت جدّي فيها صغيرًا، أيّام الشتاء، جاذبته إيّاها، وأتحت لي مكانًا إلى يمينه أو يساره، يداعبني صوفّ خروفٍ مجعّد، لا أملّ من تحريك يدي من خلاله. تتنوّع الفِراء في الجزيرة، من فروة الراعي إلى فروة الوجيه؛ فروة الراعي ذات الغطاء المشمّع لتفادي المطر، وفروة الجلد البيضاء من دون القبيّة (الغلاف)، وفروة جدّي ذات البطانة المعتبرة، والفروة الخفيفة من دون بطانة ولكنّها من قماشٍ ثقيل سميك من الجوخ الإنكليزي، وفروة الجوخ ذات البطانة البرتقالية. في الشتاء يتجمّع الرجال في بيتٍ واحد، يقضون فيه سحابة اليوم، وقد يتغدّون في ذلك البيت يتحلّقون حول صحنٍ كبير من البرغل والمكبوس (مخلّل الباذنجان واالفليفلة)، ويشربون الشاي، ويكونون قد نثروا فراءهم وراءهم، بعدما استشعروا الدفء، حين تُبلي "الصوبة" بلاءً حسنًا، فيقول أحدهم "طفّم هالصوبة" أو "هدّي المازوط"، فتأخذ الفراء منظرًا جميلًا، وقد تركها الرجال خلفهم، كخرافٍ نائمة. ليست الفروة مستجدّة في عالم الزيّ العربيّ، ولكنّي أزعم أنّ السنين الأخيرة -القرن قبل الماضي- قد شهدت إتقانًا أكثر، بعدما هاجرت قبائل عربيّة جديدة إلى الشمال، وربّما كان هذا في أخريات الحكم العثماني، فانتشر الفرّاؤون في الحواضر الكبرى كحلب، وحمص وحماة والرقّة. واشتغال عائلات في هذه الصنعة. في النصف الأخير من القرن العشرين، انتشر في الأرياف "البردسون" معطف الفقراء، المصمّم من فروٍ صناعيّ، وبخاصّة البردسون ذو الخيوط السوداء والبيضاء، وأظّنه قد أضرّ بصناعة الفروة البدويّة، إذ انصرف إليه الموظّفون والفقراء والطلّاب، لرخص ثمنه ووفرة جيوبه. وبقيت الفروة لصيقة حياة الرعي التي تقلّصت. حين يشتدّ البرد ويضطرّ أحدنا للخروج، تعطيه أمّي الفروة قائلةً: "هاك تگبّع بالفروة" أي اتّخذها قبّعة، ويكون مألوفًا أن تجد الشباب يرتدون الفراء واقفين لصق جدار، ويسترسلون في حديث، وكأنّ الوقت ليس شتاءً، وقد تتلطّخ الفروة بشيء من الوحل، فينتظرها صاحبها إلى أن ييبس الوحل، فيفركه، وكأنّ شيئًا لم يكن. جاءت الفروة الصناعية أخريات القرن الماضي، وانتشرت في أوساط جديدة، غير الريفيّين، ولم ينقذ الفروة القديمة غير الطفرة الزراعية في التسعينيات، وقد عمّ الثراء في الأرياف، وبات ارتداء الفروة وسمًا اجتماعيًّا، وبات ارتداء فروة الجوخ الخفيفة ظاهرةً لازمت ظواهر أخرى من مثل شراء البيك آبات الحديثة..مات جدّي، ولا أدري أين فروته الآن، وربّما هي على ظهر أحد أحفاده، أمّا الفروة الكبيرة فقد "تناتفها" الجميع، يطاردون البرغوث اللعين الذي ما زال يعبث فيها.   
أكمل القراءة

Responsive image

2022-12-01

متلازمة ال (عيب ) و (المابيصير هيك)

عمر حمزة

  ثقافة أو لربما مصيبة. حملها أغلب السوريين في حقائبهم اثناء رحلتهم المرعبة في ذاك القاتل المطاطي المسمى "بِلم."ورغم سقوط الكثير من أمتعتهم وربما نقودهم أثناء تلك الرحلة، ظل "العيب" ملتصقاً ثابتاً كالصمغ بحقائبهم وصدورهم. شيء يشبه العار الذي يلاحقنا. والمشكلة في ذلك العيب أنه يشبه "البِلم" في بُنيتهِ المطاطية. أو كقالب الصابون. كلما حاولت الإمساك به من طرف، خانكَ وأفلت منك من الطرف الآخر.لا تعريف ثابتاً له. لكل حضارةٍ عيبها الخاص بها، والذي لا نستطيع إسقاطه على الحضارات والثقافات الأخرى. فظهور البطن وسُرة المرأة عند الهنود أمر غير معيب بينما ظهور شيء من كتفها عيب وعار.  وحضن التحية أو قبلة الخد بين الرجل والمرأة في أوروبا أمرٌ طبيعي لا يثير التساؤلات والنظرات المريبة. بينما رمي القمامة في الطرقات عندهم عيب كبير، وهو ما نعتبره في بلادنا حق مشروع. هذه الاختلافات في ثقافة العيب أمر مقبول من حيث المبدأ. (إيه بس نحن ما عنا مبدأ سيد راسي). إيه نعم !!.. فنحن نريد تصدير فكرة (عيب عليك) إلى المجتمعات التي انتقلنا إليها، بل وفرضها عليهم. بينما نرفض في المقابل ما لا يرونه هم عيباً، بل ونصارعهم عليه.وقد يصل بنا الأمر لنتظاهر نصرةً لفكرة عيبنا التي نعتنقها. كإصرارنا على إجبار الجميع احترام معتقداتنا ورموزها، في ذات الوقت الذي ندعو عليهم بمكبرات الصوت في مساجدنا، ونلعن نساءهم وأطفالهم وسلسفيل جدودهم.أو كالمرأة العورة، وخصلات شعرها "اللي عيب تظهر" والتي لا تثير إلا العربان في الواقع.وكفها الذي إن صافح كف رجل قد يجعل ذلك من زوجها عرصاً أو ديوثاً. يا رجل حتى ضحكتها إذا "لعلعت" على قولة المصريين، البعض يعتبرها "جريمة عيب."  استفسار من الابن أو الابنة عن الجنس هو عيب. مع أن الجنس مسيطر على ثقافتنا وأفكارنا بل وفقه فقهائنا الأوادم.. الحديث عن المثلية بواقعية هو عيب. يا رجل حتى وصفنا لها بـ "مثلية" هو عيب ولا يجوز. اسمها شذوذ يا مندمج يا اللي نسيت أصلك وصار ما عندك حياء ولا دين. يا أخي حتى الحديث عن عيوب مجتمعاتنا بحد ذاته عيب. فنحن كاملين مكملّين وعين الله تحرسنا من عين الحسود. وباقي شعوب العالم عرصات وولاد ستين كلب. كل ذلك وغيره مما لن يسعفني الوقت لذكره. حملناه مع ثيابنا وهمومنا وخيباتنا من تلك البلاد التي لفظتنا في عرض البحر إلى بلاد ليست مثالية، لكنها واقعية، تحترم اختلاف الآخر بل وقد تستفيد منه.انظر يا رعاك الله إلى اهتمامهم بالمطبخ السوري والأدب والفنون. حتى الدبكة والعراضة الشامية عرفوها. بينما رفض أغلبنا صالحهم قبل طالحهم، وتقوقع على نفسه وفرض قوقعته على زوجته وأولاده مكتفياً بأن يكون شيئاً غير قابل للاندماج مع حضارة لا تختلف كثيراً من حيث المبدأ عن حضارة بلاده، باستثناء إنهم لا يقلبون (الشحاطة) ولا يدخلون الحمام برجلهم اليسرى. وعندما يقومون بما هو عيب بالنسبة لنا، يقومون به على عينك يا تاجر، بينما نحن نقوم بالعيب تحت الدرج وبين الشجر. 
أكمل القراءة