#
#
الرئيسية /رأي
رأي
Responsive image

2023-03-16

عودة الخلافة .. وهم المشروع ومشروع الوهم ! .. للكاتب : أسد القصار

أسد القصار

... يتطلع الكثيرون الى مسألة عودة الخلافة الإسلامية ، وتصوير الخلافة كشكل أمثل للدولة .فهل كانت الخلافة كذلك فعلا ؟سيلٌ من الأمجاد والبطولات والزهاء والرفعة والعلو والسمو والرفاهية والسؤدد ؟ كما تعودنا سماع ذلك من على منابر الجوامع والمساجد ؟! الصيغة تجعل سامع هذا الخطاب حائر في كون النبي محمد نبي يحمل رسالة ودين ، أو صاحب مشروع سياسي وملك ودولة .لقد استخدم محمد السياسة لخدمة مشروع الرسالة والدعوة ، فيما استخدم الدين كل من أتى بعده منذ مبايعة أبو بكر الصديق بالخلافة حتى مبايعة أبو بكر البغدادي انتهاءا بأردوغان الملقب بخليفة المسلمين كرافع أو حامل لخدمة المشروع السياسي والاقتصادي والدولة . وشتان أن يستوي المذهبين وهل يستوي من تعاكس مبدأه ومبناه ؟فهل يصح أن نجعل من الخلافة كنظام أصلا من أصول الدين و أمرا مقدسا طهريا لا يجوز نقده أو تفنيد أخطائه ؟بالطبع لا،،، فكما كان في ظل نظام الخلافة إضاءات وومضات نور وعدالة هنا وهناك (ذات جذر فردي مصدره الأشخاص لا النظام نفسه ) ، وتقدم للعلوم والفلسفة والترجمات واكتساح عسكري وانتصارات في كافة اتجاهات البوصلة ،،، انكارها هو مازوخية وجلد للذات ارفضه ولا أستسيغه .  لكنه حوى الكثير الكثير من اللطخات السوداء ... فهو نظام بشري غير خالٍ من القدسية مليئ بالأخطاء والهفوات والسرقات والسقطات والمجازر والعنصرية والفئوية والشعوبية والشهوانية والاباحية الجنسية والمحسوبيات والفساد وحتى الجرائم الإنسانية في كثير من صفحاته. لا يتسع منشور أو مقال قصير محدود للحديث حتى عن واحد منها وإعطائه حقه .وعليه تسقط ملائكية ومثالية الخلافة التي حاول الكثيرون ترسيخها في عقولنا ، لتأخذ مكامنا الطبيعي ، نظام سياسي منقرض وبائد له وعليه يصلح للدراسة واستخلاص الدروس لا لإعادة اجتراره وتطبيقه كما هو .وهنا سأقوم بنقد نظام الخلافة من ناحية البنيان والمبدا في البعض من النقاط :- لا انتقاء للحاكم أو الخليفة .. بل هو مفروض من قبل فئة نخبوية أو قوة عسكرية مع اهمال وتهميش واستقذار لرأي وقرار عامة الشعب- لا يوجد عقد اجتماعي واضح بين دولة الخلافة وبين الرعية ( الشعب) ، ما دام الحاكم لا يظهر منه كفر بواح فالعلاقة الوحيدة التي دعمتها الدلائل من الآيات والاحاديث .. هي علاقة الآمر والمأمور ... لا حقوق منظومة ولا حريات . ولا رفض للظلم فتلك أمور محظورة.. السمع والطاعة فقط .-لا يوجد آلية محاسبة للخليفة فهو ظل الله على الأرض رغباته واوامره وكل ما يتطلع إليه ويفعله مقدس ، خطأه اجرامه ظلمه الخ أمور لا يحق لأحد من الناس محاسبته عليها .- معارضة الخليفة أو حتى مجرد الاختلاف معه بالرأي جريمة توجب القتل وانهاء الحياة- مسألة تطبيق الحدود الشرعية أو حتى العودة للنصوص القرآنية في التحكيم في عظائم الأمور مسألة مزاجية للغاية .. لم ولن تشهد رسوخا او ثبوتا او مساواة أو مبدئية منذ قيام أول خليفة في الإسلام حتى سقوط آخر خليفة.،، هذا نظام لا يختلف في بنيانه وهيكله وادبياته وقمعه وفؤيته عن نظام أتاتورك أو ناصر أو صدام أو حافظ أوالنظام السعودي أو النظام السيساوي في مصر سوى في قشرته الدينية التي تغلفه . قبلت في يوم ما مجموعة بشرية حديثة الخروج من البداوة والفوضى والعشوائية والقبائلية والجهل " العرب "هكذا نظام قاسٍ للغاية ، وهو نظام متشابه مع أنظمة حكم مجاورة ( الرومان ، الفرس ) ممن كانوا مطابقين له في الاستبدادا وتهميش الشعوب .لكن وبعد دخول الدنيا كلها زمن الحداثة والعلوم والتحرر والتقدم والبناء وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وبداية تشكل القوام الجديد للدول والعلاقات الدولية والسياسة والفكر، كيف دفع الآباء الأولين للإسلام السياسي في نهاية القرن التاسع عشر وطوالع القرن العشرين عجلة الفكر الجمعي لدى شعوبنا للطموح الى العودة إلى الخلف ..... إلى الخلف كثيرا الى نموذج الخلافة بكل عطابه وعلله لا التقدم اوالتفكير في ايجاد النظام الانجع والاحدث والأقوم والأصلح لتلك الشعوب وابراز فكرة عودة الخلافة ... كطوق نجاة وحيد لتلك الشعوب عن نشأة هذا المنهج وهيكليته وسيرورته أفرد مقالا منفردا سأنشره لكم قريبا في وقت لاحق .أسد القصار ألمانيا - زاكسن
أكمل القراءة

Responsive image

2023-03-10

العلم كديانة.. و جدوى التبشير للعلم كأديولوجيا

عامر قنواتي

مقدمة:أ‌-ينطلق هذا الطرح من مُسلَّمَتين:     النفعية المادية وارتباط العلم بهذه النفعية، حيث تذهب أغلب المباحث الراغبة في التخلص من الأديان وتبِّني العلم دينا جديدا ؛ نحو أن العلم هو النفع وهو ما يحقق الراحة والرفاهية للإنسان، وأن الأديان والماورائيات تذهب بالإنسان نحو التضاد مع مصالحه ومنافعه وتطوره.التسليم بأن الأديان هي تراكم متضخم لانحياز مؤكد في الرصيد البشري، بعد تطور الإنسان عن كائن آخر، وحصوله على الوعي غير المسبوق لما سواه من الكائنات، وبحثه عن معنى الوجود.  ب‌-لا يهتم هذا الطرح في أن يقدم أحد الأديان على الآخر، ولا هدفه أن يبرر العنف المرتكب باسم بعض الأديان في التاريخ القريب أو المعاصر، وإنما يهدف لوضع العنف المرتكب في التاريخ البعيد ضمن سياقه ويبرر الحاجة السياسية النفعية لحصول ذلك العنف من منظور نفعي جماعي. ت‌-هدف البحث المحوري والرئيس هو تبيان خطورة التبشير بالعلم كدين، وتخليص الناس من معتقداتها، على اعتبار التفسيرات الكونية وقراءة الواقع هو كل ما يحتاجه الإنسان من منظور مادي. هذه المقدمة وما سيليها من أفكار ليست بالضرورة تعبِّر عن رأي كاتبها بالمُطلق، إنما هي مجموعة أفكار تتبادر لذهنه ويصارعها ويعرضها للنقد أمام الجميع، مع تأكيدي على وجود انحياز مؤكد ومعرفي رصيده آلاف السنين... بداية لا بد لنا من قراءة في بعض المفاهيم المتفاوتة من مناظير مختلفة، فالدين من منظور الإنسان المادي الملحد تماما هو حركة سياسية قام بها أشخاص لقيادة مجتمعاتهم، وهذه نفسها قد يتفرع منها الرغبة الشخصية لتحسين السلطة والنفوذ، وقد يكون الهدف منها تحسين واقع الأمّة الخاصة وقد يكون منها حركة سياسية إنسانية تتبنى الإصلاح وتقدم مادة ترويج لنفسها هي الخلاص والعتق والحياة الخالدة ما بعد الموت لكل إنسان صالح ومتَّبع، مع التركيز أساسا كما ذكرت في المقدمة على نقطة البداية التي تقول : أن الإنسان اخترع الأديان كحل لبحثه عن معنى الوجود، بعد حالة الوعي والإدراك التي حصل عليها نتيجة دماغه المتطور ( ضمن المنظور المادي طبعا ) في حين يرى المثاليون أن هذا الكون لا بد له من خالق وضع معاييره وموازينه بدقة، وينظرون إلى الرسالات السماوية والنبوءات وغيرها من الأديان بعين نقدية تخضع لموازين العقل، فما اتفق ما العقل قبلوه وما تنافى معه رفضوه، المنظور الثالث وهو منظور متبعي الأديان البسطاء حول العالم وعبر الأزمان، فهؤلاء اتبعوا هذه الأديان طمعا في الخلاص ورغبة في تحسين الواقع، إذ يعتقدون أن رضى الخالق هو ما سيجعل الواقع أفضل. تتصارع هذه الرؤى المختلفة وكلٌّ يحاول جذب الآخر نحوه ليقول : أنا من وصل الحق ومن سواي في ضلال مبين، الحق عندي صارخٌ والضلال عندك بائن، وكل مصائبنا بسبب من يخالفني في ذلك، فترى المادي ناقما على معتنقي الأديان إذ يكرّسون من وقتهم في قراءة وتبجيل تاريخهم ومورثهم أكثر مما يقرأون في المواد العلمية التي ستحسن الواقع المعاشي للجماعة والفرد والأمة بحسب انتمائها، ويصرفون من وقتهم وكلامهم وتحفظهم على العبادات أكثر من عنايتهم بجودة منتجهم العملي، ينتظرون المدد والسند والمعونة من الإله بدل العمل بالمعايير التي تنتج الجودة، يرتبطون بمرجعهم الديني ويقودهم دون أي قدرة نقدية أو مراجعة فكرية لما يقول، وينظرون للعالم والعلم على أنهما أعداء ويبحثون في خروم الإبر عن مداخل نقدية لانتقاد منتجات العلم، هكذا يرى المادي أتباع الديانات وربما أسوأ، في حين يرى المتدين الماديين والملحدين سببا في كل بلاء وعونا على كل غم، فهم الباحثون عن إطلاق الأطر والنظم الناظمة للفضيلة في المجتمع وتولية رغبة الأجساد عليها، متذرعين بالعلم، يلغون الحُب والروح، ويسمون المشاعر عناصر كيميائية، يجعلون الإنسان قردا متطورا ويحتقرون الفضيلة التي أتت بها الأديان، يعودون لها عندما يتبناها العلم، هكذا ينظر المتدينون للملحدين... والسؤال هل من منفعة مادية من وجود الدين والإيمان؟ في قراءة بسيطة في السياق التاريخي نجد أن أكثر الأمم التي وصلت لنا آثارها وكانت ذات تقدم هي الأمم التي كانت لها معتقدات راسخة وكانت تعبد بشرا أو حجرا أو أيا كان ألهه متعددة أو الهاً غيبيا، أثبتت أن تلك الأديان كانت عاملا في انتاج قوة وتأسيس مجموعة قادرة على الإنتاج وصناعة حضارة إنسانية، وكان للمعتقد أن يؤسس للمعنى والوجود وكما سلمنا في المقدمة فإن هذه الديانات كانت حالة سياسية، ولكنها أسست لعدة مفاهيم منها الاجتماعي ومنها الاقتصادي ومنها السياسي، وعلى رأسها القدرة على الإنتاج الجماعي، حيث ما هو الرابط الجماعي دون وجود الأديان الذي سيؤدي إلى التعاون في الإنتاج، يستطيع قطيع ثيران التصدي لمجموعة أسود تريد التهام أحدها، وتستطيع الأسود الصيد بشكل جماعي ومنظم، وتستطيع القردة تنظيم الهجوم والدفاع والصيد، وكل ذلك في مجال أساسي وواحد وهو مجال غريزي، مجال البقاء على قيد الحياة... ولكنها لم تبنِ بيتا، ولم تصنع مصنعا، ولم ولن تُنقِّب عن النفط! ماذا يعني هذا وما رابطه بالأديان؟ هذا يعني الإيمان بالعمل الجماعي طويل الأمد لدى الإنسان، ولكن هذا العمل الجماعي بحاجة إلى رابط، يمكنني أن أبني بيتا لي في سنتين، ويمكننا أن نبني قلعة لنا جميعا في سنتين، ولكن لماذا أختار أن أكون ضمن القلعة ولا أبني بيتي؟ ببساطة لأن الإله سيكون راضيا عن القلعة وسيكون غاضبا على بناء البيت، وبهذه البساطة تستطيع القيادات في السلطة تسخير المجتمع كاملا في الإنتاج الجماعي... أليست بعض بل الكثير من هذه القلاع بنيت بواسطة العبيد أو العمل المأجور؟ نعم هذا أيضا ضمن سياق الرصيد الإنساني الديني، واختلاف القيم وفق الحاجات، حتى العبودية والتحرر كانت ضمن معايير تاريخية، وانتجت رصيدا ما، وهنا أنا لا أهدف إلى محاكمة التاريخ، فعدم قبولي بحصول العبودية لا يعني أن أقيم تاريخا ما وقعت فيه العبودية موقعا متقدما، إنما قراءتي للمسألة في الرصيد الذي وصلني من الإنتاج الجماعي في تلك الحقبة، وهنا أنظر لما نتج كمنتج إيجابي وأحيد الوسيلة عن قيمي الحالية فهي في سياقها ربما كانت حاجة أو ضرورة وهذا يؤكد النفعية الدينية مرة أخرى في نفس الموضوع والسياق. حتى العنف الذي تبنته بعض المعتقدات في أزمنة متعددة، كان وسيلة للحصول على استقرار وانتاج من نوع ما، بل ربما لتكريس فضيلة ما، عبر العصور حتى في تاريخنا المعاصر هناك إيلاء للأكثرية بالنفع ولو كان على حساب الإضرار بأقلية ما ( مهما كان نوع هذا الضرر ) بما في ذلك الحدود العنيفة من رجم الزناة وقطع ايدي السارقين أو حتى قتل الأسرى وغير ذلك، هو في ظل الحركات السياسية لا يعدو كونه تحقيق المصلحة العامة وتغليبها على الخاصة، وكما قلت في المقدمة هذا لا يعدو كونه وضع الأمور في سياقها التاريخي، ولا يعني تبرير العنف باسم الأديان في الواقع المُعاصر. من أين أتت الفضيلة ومن فكر فيها؟ لا بد أن هذه الحركات السياسية أو الدينية هي من اخترعت الفضيلة وأسست الأعراف المجتمعية، إذ أنها لم تكن إلا من نخب فكرية قدمت هذه الأطروحات السياسية أو الدينية، فلا يخلو دين من الأديان من الحثِّ على التسامح والإيثار والرحمة بالضعيف واحترام الكبير وغير ذلك، رغم أن كل ذلك قد يكون عائقا أمام الحاجة الفردية والرغبة والإنتاج الفردي، إلا أنه مهم جدا على الصعيد المجتمعي والتراص والإنتاج الجماعي، وهذه القيم التي يتم تبنيها في أعتى الحضارات المعاصرة ما هي إلّا تراكم لانحياز مؤكد كان يقول بوجود إله سيغفر لمن يعفو، وعبر هذا الزمن تم تكريس هذه القيم ضمن كيان الإنسان، فصرنا نقول كلمة الإنسانية في محاولة لربط كل فضيلة ورحمة بسلوك الإنسان الرحيم المُتحضر، والذي هو عبارة عن إنسان متطور عبر آلاف السنين من الإنسان المتبع للأديان. ولا بد أن ألفت هنا في الدور الكبير للمعتقدات في جعل الفضيلة سمة عامة للبشر، إذ أن إيمان الناس بأن فعلها الجيد سيعود عليها بفعل جيد من الآخرين بإرادة الله، سينعكس في كل مجتمع إيجابا بشكل تراكمي، بل ربما يُنتج عالما أقرب إلى الفضيلة أكثر منه عالما موغلا في حبِّ الذات على مستوى أفراده. ما الذي أريد قوله من هذه الفقرة؟ لنفرض أن الإنسان نزع في تاريخه الأول بعد حالة الوعي إلى تقديس ذاته، وتقديس قوته، ورفض الأفكار الماورائية، ألن يكون الإنسان اليوم كائنا كدراكولا؟ لم يضع منظومة أخلاقية تحكمه ولم يسعى للعمل الجماعي، إنما مولع بالدم الطازج من الكائنات الغضة حتى لو كانوا أبناءه؟ قد يكون في هذا مغالطة الاحتكام إلى الجهل ولكني هنا لا أجيب بل أسأل وأُقدِّمُ أحدَ الإجابات التي تخطر لي.. من أين وصلنا إلى التفكير في طرائق الحكم المختلفة لولا هذا التصارع التاريخي، إذ لولا وجود هذه الأديان كحركات سياسية لإنتاج مجتمع متقدم ما هي الحلول البديلة، وأنا أعلم أن الماديين أيضا لا يرغبون في محاكمة التاريخ، ولكن أركّز هنا على أننا حصيلة انحياز مؤكد تاريخي نقطف ثمرته أينما ضربت أفكارنا وغرفت، وتكافئ فيه الأديان من قبل المادية بجحود، فكل هذا الرصيد والإرث والوصول يقابل بعداء وكراهية... يذخر التاريخ الإنساني بكم هائل من الأديان منها ما انتهى واندثر ومنها ما يظهر حديثا حتى وما هو مستمر أساسا من الماضي، وهنا نلاحظ إصرار الكم الأكبر من البشرية على فكرة الحياة ما بعد الموت، يرغب الماديون في التبشير بالعدمية، غير مكترثين بأي نتيجة ممكنة، منطلقين من أن العدم هو البداية والعدم هو النهاية وفق تفسير العلم، وهذه النهاية المخيفة في حياة يسودها اللاعدل هي أمر غير مرغوب فيه البتة، وعليه لِمَ نرغبُ في العيش ونحن ذرات ستنتهي إلى الناشئ في كوكب عمره النهائي صار محددا بواسطة العلم، لم هذا الموت المؤجل والعيش الكئيب؟  ما هي شريعة هذه العبثية، ولماذا نحن نفكر بالعدل طوال الوقت، والحقيقة بكل معطياتها العلمية تقول بأن البقاء للأقوى، القوة التي لا يهمها الوسيلة بل يهمها النتيجة، حتى تحصل على متعة الحياة يجب أن تكون قويا وإن كنت غير ذلك فأنت مطية يستخدمها الأقوى لمتعته ليس إلا... هذا ما يبشر به العلم، في حين تلك الأديان تبشر بالجنة وبالعيش الرغيد، وتطالب الناس بالرحمة والمساواة...ماذا سيقدم لي العلم عندما أؤمن به؟ عدد خلاياي؟ حجمي مقارنة بالكون؟ تحليل مرضي ودواء للعلاج، ماذا سيعني كل ذلك؟ هل أنا الموجود حاليا والذي يعاني من آلام الحياة والوجود وعذابات اللاعدل سآخذ دواء يجعل الكون عادلا بالنسبة لي؟ لا... إنما سآخذ الدواء ليزيد عمري في حياة اللاعدل مع بقاء الأعراض والتعرض للشيخوخة، وبعدها سيعتبر الماديون هذا إنجازا في رصيد العلم!في ظل هذا كيف يمكن أن أرتمي في حضن العلم؟ وما الفائدة من الفضيلة؟ كما أسلفت الفضيلة نتيجة تراكمات من المفاهيم، اليوم يود دعاة العلم وضع الفضيلة تحت المجهر الاجتماعي ورقابة الدولة، من تهرب من الضرائب؟ ومن خالف إشارة المرور؟ ومن عنّفَ زوجته؟؛ بطريقة مُكلفة حدَّ الهدر، ضع كاميرا في كل مكان وسمِّ وظائف رقابية جديدة، ضع اجهزة متقدمة لمراقبة الانتاج، أو لاحق فلانا في الصحافة لأنه لم يدفع الضرائب... الخ، في حين تستطيع تخفيض كل هذه التكاليف ببناء مجتمع يرتبط فيما وراء الطبيعة وينتظر جنة الخلد عبر التزامه في دوامه في العمل واتقانه عمله ورحمته مع الآخرين... ما المنفعة المادية والعلمية البائنة التي ستحصل عليها البشرية في التخلي عن الأديان؟! وما هو هذا الدين العلمي الذي يبشرون به؟ يوغل بعض الماديين في التطرف عندما يحاولون تخليص الناس من معتقداتهم، أولئك الكثيرون الذين يعيشون على هامش الحياة، الذين لا يعنيهم ثقب الأوزون ولم يسمعوا مرة بالفرق بين الحزبين الجمهوري أو الديمقراطي، أولئك الذين يذهبون كل يوم إلى المعمل للحصول على أجر يكملون به حياتهم، ويطعمون به أطفالهم، وأولئك الذين يزرعون في أقسى وأعتى المناخات، طمعا في القدرة على الزواج أو حتى البقاء على قيد الحياة، أولئك الذين ليس لهم إلا التوسل إلى الإله ليجعل حالهم أفضل ضمن معطيات محيطة تجعل كُلَّ واحد منهم عاجزا تماما عن إنتاج أي حل أو أي طريقة ليصبح حاله أفضل، وسواء اختلفنا أو اتفقنا مع هذه التوسلات، ولكن لا أظن أننا سنختلف أن هذه التوسلات والرجاءات تجعل باعثيها في راحة وطمأنينة قد تغلب بعض الأحيان راحة وطمأنينة أثرياء العالم، وبعد هذا ماذا يمكن أن نقدم لهؤلاء الراجين من الله بديلا علميا؟  وهنا لي مداخلة شخصية جدا، نلحظ دائما فكرة الجاذبية جذب الكبير للأصغر، ويمكن القول بشكل أوضح انجذاب الأصغر للأكبر، الطفل بحاجة أمه، فهو دائما ينجذب إليها، القطة تنجذب للإنسان، الأنثى تنجذب إلى الذكر، الإنسان الأضعف ينجذب للإنسان الأقوى، وهكذا، هذه الحالة من الشعور بالأمان عندما يرتمي الأصغر في حضن الأكبر، ربما تكون هي محور بحث الإنسان عن قوة أكبر منه ومن الكون ليشعر من خلالها بالأمان، الأمان الذي لا يستطيع العلم تقديمه لأحد لأن العلم كلما تقدم جعل العالم مخيفا أكثر... الأديان مادة عفى عليها الزمن وما عادت تلائم العصر، هكذا يقول بعض الماديين، قد نتفق أن هناك بعض التشريعات في بعض الأديان ما عادت تلائم القيم المعاصرة، وهذا بحاجة إلى إعادة قراءة وإنتاج من الأديان نفسها ومفكريها، ولكن نختلف تماما مع فكرة نسف الدين لأجل وجود بعض التشريعات غير المتناسبة مع العصر، فالدين ليس هذه التشريعات وحدها، إنما منظومة متكاملة من الإيمان والتسليم والراحة التي يتمتع بها المؤمن بدينه، وتخليصه منها يشبه سلخ جلده وهو حي، وردة فعله على ذلك لن تكون إلا بأعنف الأشكال والصور، فمن أسوأ ما يمكن أن يتخيله المؤمن تخليصه من الشعور بالراحة والأمان الذي يتمتع
أكمل القراءة

Responsive image

2023-03-10

القهر الفيسبوكي .. والقابعين في بطن الحوت السوري

ماهر الزعبي

لا أعلم ما الفائدة المرجوة من عرض "صور النعيم المقيم في أوروبا والخليج" من سهرات مطاعم وأصناف طعام وألبسة ومدن العاب ترفيهية وتصوير بجانب معالم سياحية عالمية وغير ذلك من ملذات الحياة وعرضها على الفيس بوك في الوقت الذي توقفت به عجلة الحياة بالكامل بسورية وأقل طابور محروقات وصل الأردن بالتزامن مع أن سعر كرتونة البيض تعدى 24 ألف ليرة وغير ذلك من تعاسة لم تشهدها ولن تشهدها الألفية الثالثة..جميع من في الداخل يمتلك تطبيق فيس بوك وجميع الغلابة لا يجدون متنفس يومي في ظل إنقطاع الكهرباء الدائم إلا الفيس بوك ولك سيدي أن تتصور حجم القهر الذي يمكن أن يعتري الموجودين بالداخل لحظة مشاهدة رفاهية أوروبا والخليج..إن لم يكن لديك "ضابطة إخلاقية ذاتية" تمنعك من التفنن في قهر من يعيشون ببطن الحوت عبر نشر ملذاتك اليومية والتي منحك إياها ملف لجوءك فليكن لديك إعتبار من حديث الرسول المصطفى :"من كان معه فضل زاد فليعد به على من لا زاد له"..هؤلاء هم عمق المأساة وهم عمق الجرح الذي تقيح والوقوف معهم الآن قمة الرجولة..لا تحتاج لمن يوصلك إليهم... جميعنا نعرف عشرات العوائل التي لا تجد قوت يومها بالمعنى الحقيقي للكلمة..وإن مبلغ 50 دولار تدفعه في زوايا سهرتك بكل بساطة يبلغ ٣٥٠ ألف ليرة سورية والثلاثمئة ألف ليرة تعني خبز عائلة من 7 أشخاص لعشرين شهر...لست بأكثركم بالقيمة الإنسانية فجميعكم بلا إستثناء أفضل مني لكنها كلمة حق ودعوة خير وتذكير بأجساد في الداخل إلتهم الموت نصفها.
أكمل القراءة

Responsive image

2023-03-09

جور التسليع .. صفقة كريستيانو نموذجاً

أسد القصار

لست من هواة متابعة كرة القدم.. ومع إقراري بأن الجدوى الاقتصادية التي قد يجنيها السعوديين قد تتجاوز أضعاف أضعاف المبلغ المرصود كراتب سنوي لكريستيانو " ٢٠٠ مليون يورو ". لكني أجد أن التصفيق لارتفاع جنوني لمدخولات العاملين في مجال الترفيه سواء كان رياضياً أم فنيا، لهو تشجيع أحمق للمزيد من توحش الرأسمالية.على كاهل العمال والموظفين البسطاء بُني الاقتصاد الأوربي وبالتالي نهضة أوربا، ولا يتجاوز راتب أحدهم بعد حسم الضرائب ٢٦٠٠ يورو "في أحسن الأحوال".يتحمل المدرسين ومربيي الروضات مسؤولية جيل بأكمله وتتراوح رواتبهم ما بين ال١٨٠٠حتى ال٤٠٠٠ يورو موظفي الصف الأمامي.. الأطباء، الممرضات، العاملين في دور رعاية المسنين، المسعفين، عناصر الشرطة، كادر الدفاع المدني والإطفائية.. تتراوح رواتبهم أيضا ما بين ال١٨٠٠ يورو حتى ال٥٠٠٠ يورو.  ينفق هؤلاء جميعهم ٦٠ ٪ من رواتبهم على دفع الإيجارات والفواتير الشهرية والمواصلات، ليتبقى لديهم ٤٠ ٪ فقط للطعام والمعيشة دون بقاء أدنى حيز مادي للادخار أو الاحتياط، ومع التضخم الاقتصادي وموجات الغلاء المتتالية باتوا جميعا يواجهون صعوبة حقيقية في الحفاظ على مستوى معيشي مقبول لهم ولأسرهم. يعمل هؤلاء جميعا ٨ ساعات يوميا، ويداوم أغلبهم أيام الآحاد والعطل وينفق أغلبهم ما يزيد عن ساعتين في طريقه من وإلى العمل بشكل يومي، ناهيكم عن العمل في ورديات مختلفة.. في الصباح والمساء والليل إضافةً إلى الخضوع إلى قوانين عمل مبطنة تقرها الدولة " للأسف " تتيح لأرباب العمل التعسف في إصدار الانذارات أو حتى قرار إنهاء العمل مما يضع العاملين تحت شعور مستمر بالضغط وانعدام الأمان الوظيفي. جميل أن يجلس كل هؤلاء مساءاً إلى شاشة التلفاز ليرفهوا عن أنفسهم بمشاهدة مباراة كرة قدم أو مسلسل أو فيلم جميل وشيق... هم يستحقون الترفيه بعد كل هذا الجهد والعناء في يومهم، لكن أن يتضخم أجر من بُدع للترفيه عنهم لتصبح قيمة مجهوداته في ترفيههم آلاف أضعاف قيمة ما يتحصلون عليه من أجور.. فهذا أمر غريب ولا أخلاقي وغير مقبول ومجاوز للحد وحتما غير عادل. لقد كانت المعادلة بخصوص تحقيق استقرار مهني واقتصادي في الماضي القريب بسيطة.. ادرس أكثر، اعمل أكثر، اعمل بذكاء تحقق المزيد من النجاحات.. فهل ما زالت تلك المعادلة ذات فعالية؟ أم أن المعادلة الجديدة " التسليع " التي مفادها: اجعل من نفسك سلعة وقم ببيع نفسك، هي المعادلة الواقعية التي قد تصرف أجيالا قادمة عن مسار تقليدي في حيواتهم المهنية ليرونه مسارا غير مجدٍ ولا يستحق كنتيجة محققة في النهاية بذل الكثير من الجهد والتعب.لمَ تدرس أو تعمل الفتاة x. لأكثر من ١٦ عام حتى تنهي الجامعة وتبذل الكثير من الجهد والمال، في الوقت الذي قد يجعلها فيديو قصير يظهر فيه مفرق ثدييها على برنامج مثل التيكتوك نجمةً ويملئ حسابها بالنقود دون أيما عناء؟ ولربما عزم الفتى y ذو ال١٤ عام على الغاء كل أحلامه المهنية والدراسية والاعتكاف على لعب كرة القدم إيمانا منه أن اتقان اللعبة سيدر عليه أضعاف مضاعفة ألف ضعف مما قد يجنيه ما لو أصبح طبيبا أو مهندسا أو محاميا أو قاضيا أو صاحب حرفة أو معلما أو شرطياً أو حتى وزيرا أو رئيساً للبلاد!  قد تبدوا خيارات x وy، مخيبة للآمال.. أليس كذلك؟!، لكنها وللأسف واقعية وبرغماتية للغاية. انا ممن كفروا منذ زمن بالشيوعية الكلاسيكية بكل ما أوتيت من قوة عقلية ووجدان، لكني ما زلت مؤمنا بأن الحل الوحيد لإيقاف هذا التوحش الرأسمالي التسليعي هو أن تفرض الطبقة العاملة ديكتاتوريتها على السوق.لن تكون النتائج وردية في البدايات، لكن بعد جولات وتجارب قد نصل إلى حال منصف للجميع ولو كان هذا الإنصاف نسبياً.---------الكاتب: أسد القصار 
أكمل القراءة

Responsive image

2023-02-01

دين السعادين!

أسد القصار

___ سأحاول الاستشهاد بسيناريو خيالي من وحي الإشكالات التي تدور حول نقد شخصيات وافكار ذات طابع مقدس لدى المسلمين وتحدث جدلاً وجلبةً في وسائل التواصل الاجتماعي والذي كان آخرها ما طرحه خطيب بدلة حول خالد بن الوليد.. لنفترض أن رجلاً يدعى محمد قرر بكل حرية وقناعة ورضى وهو بكامل قواه العقلية أن يقدس قرد من قرود الشمبانزي كونه الاب الأول للبشرية وأن يرى ويعتقد أن كل ما يتعلق بالقرد من رقصاته وطريقته في الاكل والمشي والركض والقفز والتسلق والعزوة تجليات مقدسة لها رمزيتها ودلالتها. وان يتبنى فكريا وروحيا كتاب أو مجموعة من الكتب التي تحوي ضوابط العبادة والأخلاقيات والسلوكيات في تلك الديانة التي سأطلق عليها اسم دين السعادين.  من ناحية المبدأ.. - يحق لمحمد أن يعتقد بما يشاء - يحق لمحمد أن يقدس من يشاء - يحق لمحمد أن يعطي احترامه لاي شخصية أو فكرة وان يراها أيقونة.- يحق لمحمد أن يعبر عن معتقده ويشرح عنه ويفتخر ويسعد به كما يشاء - يحق لمحمد الاعتقاد بأن الدين الذي اعتنقه هو أصوب الأديان وأفضلها وان باقي الأديان أديان ضلت الطريق وان النجاة محصورة في اتباع دين السعادين - وعلي أنا أيضا أن أحترم خيار محمد في اعتقاده هذا - وعلى السلطات في أي بلد محترم أن تتيح لمحمد أن يمارس دينه بحرية وان تحميه إذا لزم الأمر - وعلى السلطات أن تعاقب قانوناً وبصرامة كل من يضطهد محمد أو يوجه له فعلا أو قولاً عنصريا بالبناء على خيارات محمد الدينية والروحانية.  ومن جهة أخرى  - لا يحق لمحمد أن يجبرني على اعتقاد ما يعتقده- لا يحق لمحمد أن يجعلني أقدس ما يقدسه- لا يحق لمحمد أن يجبرني على إبداء الاحترام لما يعتبره أيقونة مقدسة أو فكرة مقدسة غير قابلة للنقد أو التحليل ولي الحق أن انتقد أفكاره وايقوناته وان أسخر منها دون أن يعتبر ذلك عداءً أو هجوماً عليه هو.- يحق لي أن أعبر عن رأيي وبكل صراحة إذا ما طرح محمد آرائه وأفكاره للنقاش - وعلى محمد أن يحترم خياري في أن أرى أن كل ما يقدمه ويعتقد به لهو تفاهة وعته " مثلاً " أو ديدن بعيد عن المنطق في وجهة نظري.- وعلى محمد أن يعي أن للآخرين مقدسات ومعتقدات تبنوها وآمنوا فيها كما تبنى هو آمن بدين السعادين ، وأنه وإن اعتقد وآمن بأن النجاة الحصرية تكمن في اتباع دينه ، فإن ذلك يتطلب منه أن لا يلغي الآخرين ويعترف لهم بنفس حقوقه- على محمد أن يلتزم بقوانين البلد التي أتاحت له حق حرية التعبد - على محمد أن يلتزم أخلاقيا اتجاه أي مجموعة فكرية أو دينية في إطاره الاجتماعي بنفس الالتزامات التي يلتزمها الآخرون اتجاهه وان لا يقدم على قول أو فعل عنصري موجه إلى أحدهم بالبناء على دينه ومعتقداته. .... لقد اخترت الاسم "محمد " كبطل لهذا السناريو، بشكل افتراضي وكما تعلمون لا يوجد دين اسمه دين السعادين، الفكرة والتسمية، كلتاهما ولدتا من بنات أفكاري. لكني أرى أننا لو أبدلنا اسم الدين الخيالي بأي دين حقيقي موجود فعلا.. كالإسلام أو المسيحية أو اليهودية أو البوذية أو الزردشتية أو الهندوسية، وكان من الممكن حسن أو بيتر أو مناحيم أو راجو أو شيار أو كومار مكان محمد. فلا ينبغي أن يفسر التعاطي الحر في تناول منظومة الأديان أو الشخصيات الدينية خارج تلك الأطر التي أراها مزدوجة الضمان لاتباع الأديان أنفسهم قبل أولئك الذين يمارسون حرية الرأي في انتقاد تلك الأديان أو أي مقدس مرتبط بتلك الأديان.كبح الأفكار والآراء شعبوياً أو قانونيا " كما هو الحال في العديد من بلدان المشرق " .. بذريعة أو تهمة وهمية اسمها ازدراء الأديان ما هو إلا تسليم مبطن بهشاشة تلك الأديان أمام النقد والتحليل والسخرية أولا، وثانيا والأهم حقيقةً هو إضافة قيود على العقول والأفواه وهذا ما أراه مرفوضاً رفضاً باتاً. وسيكون مدخلا لسلسلة لا ولن تنتهي من الممنوعات والمحرمات والخطوط الحمر.  
أكمل القراءة