#
#

2023-03-16

عودة الخلافة .. وهم المشروع ومشروع الوهم ! .. للكاتب : أسد القصار

أسد القصار

... يتطلع الكثيرون الى مسألة عودة الخلافة الإسلامية ، وتصوير الخلافة كشكل أمثل للدولة .فهل كانت الخلافة كذلك فعلا ؟سيلٌ من الأمجاد والبطولات والزهاء والرفعة والعلو والسمو والرفاهية والسؤدد ؟ كما تعودنا سماع ذلك من على منابر الجوامع والمساجد ؟! الصيغة تجعل سامع هذا الخطاب حائر في كون النبي محمد نبي يحمل رسالة ودين ، أو صاحب مشروع سياسي وملك ودولة .لقد استخدم محمد السياسة لخدمة مشروع الرسالة والدعوة ، فيما استخدم الدين كل من أتى بعده منذ مبايعة أبو بكر الصديق بالخلافة حتى مبايعة أبو بكر البغدادي انتهاءا بأردوغان الملقب بخليفة المسلمين كرافع أو حامل لخدمة المشروع السياسي والاقتصادي والدولة . وشتان أن يستوي المذهبين وهل يستوي من تعاكس مبدأه ومبناه ؟فهل يصح أن نجعل من الخلافة كنظام أصلا من أصول الدين و أمرا مقدسا طهريا لا يجوز نقده أو تفنيد أخطائه ؟بالطبع لا،،، فكما كان في ظل نظام الخلافة إضاءات وومضات نور وعدالة هنا وهناك (ذات جذر فردي مصدره الأشخاص لا النظام نفسه ) ، وتقدم للعلوم والفلسفة والترجمات واكتساح عسكري وانتصارات في كافة اتجاهات البوصلة ،،، انكارها هو مازوخية وجلد للذات ارفضه ولا أستسيغه .  لكنه حوى الكثير الكثير من اللطخات السوداء ... فهو نظام بشري غير خالٍ من القدسية مليئ بالأخطاء والهفوات والسرقات والسقطات والمجازر والعنصرية والفئوية والشعوبية والشهوانية والاباحية الجنسية والمحسوبيات والفساد وحتى الجرائم الإنسانية في كثير من صفحاته. لا يتسع منشور أو مقال قصير محدود للحديث حتى عن واحد منها وإعطائه حقه .وعليه تسقط ملائكية ومثالية الخلافة التي حاول الكثيرون ترسيخها في عقولنا ، لتأخذ مكامنا الطبيعي ، نظام سياسي منقرض وبائد له وعليه يصلح للدراسة واستخلاص الدروس لا لإعادة اجتراره وتطبيقه كما هو .وهنا سأقوم بنقد نظام الخلافة من ناحية البنيان والمبدا في البعض من النقاط :- لا انتقاء للحاكم أو الخليفة .. بل هو مفروض من قبل فئة نخبوية أو قوة عسكرية مع اهمال وتهميش واستقذار لرأي وقرار عامة الشعب- لا يوجد عقد اجتماعي واضح بين دولة الخلافة وبين الرعية ( الشعب) ، ما دام الحاكم لا يظهر منه كفر بواح فالعلاقة الوحيدة التي دعمتها الدلائل من الآيات والاحاديث .. هي علاقة الآمر والمأمور ... لا حقوق منظومة ولا حريات . ولا رفض للظلم فتلك أمور محظورة.. السمع والطاعة فقط .-لا يوجد آلية محاسبة للخليفة فهو ظل الله على الأرض رغباته واوامره وكل ما يتطلع إليه ويفعله مقدس ، خطأه اجرامه ظلمه الخ أمور لا يحق لأحد من الناس محاسبته عليها .- معارضة الخليفة أو حتى مجرد الاختلاف معه بالرأي جريمة توجب القتل وانهاء الحياة- مسألة تطبيق الحدود الشرعية أو حتى العودة للنصوص القرآنية في التحكيم في عظائم الأمور مسألة مزاجية للغاية .. لم ولن تشهد رسوخا او ثبوتا او مساواة أو مبدئية منذ قيام أول خليفة في الإسلام حتى سقوط آخر خليفة.،، هذا نظام لا يختلف في بنيانه وهيكله وادبياته وقمعه وفؤيته عن نظام أتاتورك أو ناصر أو صدام أو حافظ أوالنظام السعودي أو النظام السيساوي في مصر سوى في قشرته الدينية التي تغلفه . قبلت في يوم ما مجموعة بشرية حديثة الخروج من البداوة والفوضى والعشوائية والقبائلية والجهل " العرب "هكذا نظام قاسٍ للغاية ، وهو نظام متشابه مع أنظمة حكم مجاورة ( الرومان ، الفرس ) ممن كانوا مطابقين له في الاستبدادا وتهميش الشعوب .لكن وبعد دخول الدنيا كلها زمن الحداثة والعلوم والتحرر والتقدم والبناء وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وبداية تشكل القوام الجديد للدول والعلاقات الدولية والسياسة والفكر، كيف دفع الآباء الأولين للإسلام السياسي في نهاية القرن التاسع عشر وطوالع القرن العشرين عجلة الفكر الجمعي لدى شعوبنا للطموح الى العودة إلى الخلف ..... إلى الخلف كثيرا الى نموذج الخلافة بكل عطابه وعلله لا التقدم اوالتفكير في ايجاد النظام الانجع والاحدث والأقوم والأصلح لتلك الشعوب وابراز فكرة عودة الخلافة ... كطوق نجاة وحيد لتلك الشعوب عن نشأة هذا المنهج وهيكليته وسيرورته أفرد مقالا منفردا سأنشره لكم قريبا في وقت لاحق .أسد القصار ألمانيا - زاكسن
أكمل القراءة

2023-03-16

حوار مع المعتقل السوري السابق الكاتب والباحث نبيل ملحم

إسماعيل كردية

قبل التعرف على الكاتب والباحث نبيل ملحم من المهم التعرف على عائلته، فهو أخ لثمان إخوة شباب وأختين بنات، أربعة من إخوته الشباب كانوا معه في السجن قبل الثورة، إضافة الى زوجة اخيه التي امضت اربعة سنوات في سجن النساء في عدرا، ومع انطلاق ثورة السوريين أعيد اعتقال ثلاث من اخوته لفترات مختلفة، كما تم اعتقال اثنان من أبناء إخوته، وصبية من بنات أحد إخوته، وقد بلغ مجموع السنوات التي قضاها أفراد العائلة في سجون النظام  قبل وبعد الثورة ما يقارب الستين ( 60 ) سنة. ومن الجدير بالذكر هنا، أنه عندما داهمت إحدى دوريات الأمن العسكري منزل والده خضر الملحم في أوائل التسعينيات من القرن الماضي بعد أن وصل عدد المعتقلين من أولاده إلى الخمسة، وكانت الدورية تبحث عن ولد سادس من أولاده الباقين خارج السجن، وعندما لم يجدوه فإن خضر الملحم رمى لهم عكازته التي كان يتكئ عليها في آخر العمر قائلا لهم خذوها وضعوها في السجن إذا كان ذلك يشفي غليلكم. يعرف نبيل ملحم عن نفسه فيقول: أنا نبيل خضر ملحم، مواليد 25 / 12 / 1962 من الريف الشرقي لمدينة حمص، من قرية أبو حكفا الشمالي، النقية كبياض زهر اللوز، والحلوة الشهية كحبة عنب في لعاب صبية على حد تعبيره ، في الحياة العملية انا مهندس إنشائي بمرتبة مستشار._  وعند السؤال عن الاعتقال وكيف كانت ملابساته ؟؟اعتقلت بتهمة الانتماء لحزب العمل الشيوعي في سوريا في خريف 1987، وأطلق سراحي ربيع 1996، قام باعتقالي فرع سعسع للأمن العسكري من كتيبة الهندسة التابعة لقيادة الفرقة السابعة في منطقة زاكية، كوني كنت في الخدمة العسكرية الإلزامية، وكون أحد رفاقنا كان يخدم في قطعة عسكرية مجاورة، وكان قد نجح في الهروب من القوى الامنية في دمشق أثناء تفريغ أحد البيوت الحزبية التي داهمها الأمن، وكان يبحث عنه فرع سعسع، لهذا فقد اعتبر رئيس فرع سعسع للأمن العسكري اعتقالي وكأنه انجاز له ومناسبة لانتقام استعد له مسبقا، تم اعتقالي من كتيبة الهندسة من دون ضجة، من خلال خطة أعدها رئيس فرع سعسع للأمن العسكري، فقد جاء الى الكتيبة مع دورية  بهيئة ضباط  من اللواء 90، قالوا لقائد الكتيبة بأنهم يريدون مهندسا من أجل بناء تحصينات بيتونية في تل الشحم على الجبهة، فأعلمني قائد الكتيبة بذلك وأمرني أن أذهب معهم في السيارة إلى الموقع المحدد، ركبت معهم في السيارة التي انطلقت ولم تتوقف إلا بعد وصولها إلى مبنى، هناك علمت أنه مبنى فرع الامن العسكري في سعسع، بعد تجريدي من رتبتي العسكرية – ملازم مجند - ووضع الكلبشات في يدي، وطرميشة على عيوني، وسماع سيل من الشتائم من رئيس الفرع، بعدها مباشرة تم نقلي من هناك الى فرع شؤون الضباط في الأركان، وقد أجرى معي تحقيق سريع ضابط المخابرات المعروف علي يونس الذي كان قد استدعاني إلى الفرع للتحقيق في صيف 1987 حوالي الثلاث مرات، وقد قام علي يونس بالتحقيق معي لمدة ساعة فقط للتعبير عن شماتته لوقوعي بين مخالب القوى الأمنية من جهة، ومناسبة ليسكب ما بداخله من شتائم وسباب قذر على عائلتي من جهة ثانية، بعدها تم نقلي الى فرع فلسطين، حيث تم التحقيق الحقيقي معي هناك، وكون رئيس الفرع والضابط المسؤول عن التحقيق في الفرع  المدعو عبد المحسن هلال لم يقتنع بروايتي في التحقيق نتيجة لبعض الأوهام والتقديرات الأمنية حولي، فقد قضيت الشهور الستة الأولى من اعتقالي في الزنزانة الانفرادية، قبل أن يتم نقلي إلى سجن صيدنايا العسكري، حيث أمضيت هناك حوالي الثماني سنوات. وبالرغم من كوني لم أنتم بالمعنى التنظيمي لحزب العمل الشيوعي، فقد تم اعتقالي مثل المئات من السوريين والسوريات في حملة عام 1987، وهي الحملة الشهيرة التي قام بها النظام ضد حزب العمل الشيوعي بتوجيه مباشر من رأس النظام حافظ الاسد حين أوعز لمخابراته العسكرية ولمكتب الأمن القومي وكل فروع الأمن في سوريا قائلا في برقيته الشهيرة التي تم تسريبها وتداولها حينها " لا اريد أن أسمع بعد اليوم بشيء اسمه حزب العمل الشيوعي في سوريا " وهو الأمر الذي قاد الى اعتقال كل ما طالته يد الأجهزة الأمنية ولا سيما فرع فلسطين، لا من أفراد وأعضاء حزب العمل الشيوعي المنظمين فحسب بل طال الاعتقال حتى أصدقاء الحزب وكل من ثبت أن له علاقة من قريب أو بعيد مع الحزب.-حدثنا عن فترة السجن وتفاصيل يومك في المعتقل ؟ وعن حضور المرأة في خيال وعالم المعتقل؟ أقول بأن السجن هو حالة إخراج قسري للإنسان من مجرى الحياة المتدفق، ورميه في عالم يشبه عالم العدم، وهي حالة تشبه الموت أو لنقل حالة خاصة من الموت، الحالة التي يشعر بها الإنسان بموته، الحالة التي يرمى بها بالإنسان وهو بكامل وعيه وأحاسيسه إلى قاع عميق من الزمن والحرمان. إنها حالة خاصة عيانية من جدلية الحياة والموت، ففي كل لحظة هناك حياة وموت لا بالمعنى المجازي بل بالمعنى الحسي الملموس، في كل لحظة تولد الحياة من رحم الموت كما يأتي الموت من رحم الحياة. وهنا اقول ان افضل طريقة لمواجهة هذه الحالة من الموت أو لنقل أفضل حالة لتقليل الإحساس ببشاعة هذا الموت، هو، اولاً: من خلال إدارة الظهر لمجرى الحياة المتدفق في الخارج، وهي العملية التي سماها المناضل الشهير نيلسون مانديلا  بالاستحباس داخل السجن، وهي عملية تستغرق من الزمن ما لا يقل عن ثلاث سنوات كي يستطيع السجين إنجازها بنجاح. وهي عملية قدرة السجين على اعتبار السجن هو العالم الأول والأخير في حياة السجين، مع ما يستدعي ويتطلب ذلك القدرة على إدارة الظهر للعالم الخارجي، فإن دخلت السجن فعليك ألا تلتفت إلى الخارج حتى تنهي فترة السجن، فحتى إن توفرت لك نافذة " شباكا يطل إلى خارج السجن " تستطيع من خلالها النظر للخارج فعليك قدر الإمكان التقليل من ارتشاف هذه النظرات. فأن تعيش حالة الإحساس المتواصل بالحرمان من خلال النظر إلى الخارج بشكل دائم قد توصلك إلى الجنون أو الانفصام أو الانهيار، فالجهد النفسي والمعنوي والحسي إذا ما زاد عن حده يمكن أن يقود إلى انهيار الجملة الحاملة تحت وطأة وثقل الحرمان والانقطاع عن الرغبات.ثانيا: من المهم تقطيع الفائض الأسطوري من الزمن الراكد في السجن، فالزمن الراكد إما أن تقطعه بسيف الحيلة والمقاومة أو أن يقطعك بسيف الروتين والتكرار والتعفن، ولا يمكن أن يتم تقطيع وقطع الزمن من وجهة نظري إلا من خلال إعطائه وملئه بمحتوى متغير بشكل دائم . لهذا فقد كنت أمضي نهاري وبشكل يومي بين الرياضة والقراءة والكتابة والتسلية مع الرفاق. إنه الزمن الأسطوري، تصور مثلا أنك تستطيع أن تقرأ بزمن قياسي كل الأعمال الفلسفية "لهيغل"، المكتبة الهيغلية بكاملها أو فلسفة "نيتشه" أو كل فكر "كارل ماركس" وفلسفته أو فكر "عصر الأنوار" أو كل ما كتب في علم النفس أو الأدب في أمريكا اللاتينية أو الأدب الروسي بما في ذلك رواية "الحرب والسلام" للروائي الروسي "ليو تولستوي". فهناك دائما متسع من الزمن الفائض إلى حد يستطيع فيه السجين إن أراد أن يقرأ مجلدات قصة الحضارة كلها للفيلسوف الأمريكي "ويل ديورانت"، ومعها مجلدات الأغاني "لأبي فرج الاصفهاني" فإن ذلك لا يستغرق سوى نقطة من زمن السجن.لقد قرأت القرآن والإنجيل والتوراة، كما قرأت كتاب تفسير القرآن" لابن كثير" مع نقاش هذا التفسير مع أحد السجناء المحسوبين على التيار الإسلامي وآخر محسوب على التيار القومي. والأهم أني شغلت نفسي طيلة سنوات سجني أبحث في موضوع الدولة والسلطة والسياسة حيث ملأت أغلب وقتي في الكتابة حول هذا الموضوع وفي القراءة من أجل خدمته، إلى الحد الذي يمكنني من القول أني أنجزت مساهمة متواضعة في علم الاجتماع حول موضوع الدولة، كما أنجزت عملاً أدبياً متواضعاً بعنوان - "حكاية زهرة الليمون " .يرصد قيمة ومكانة ودور المرأة في عالم السجين وذلك من خلال محاكاة الواقع الذي أعيشه ويعيشه مئات غيري من البشر في عالم السجن.وهنا سأنقل لك مقطعاً من هذا العمل الأدبي المتواضع. كتبت فيه " حكت لي السنونو أنها رأتك يوماً تغازلين الشمس، فقلت لها: إنها غجرية عاشقة، تنتظر حبيباً يوزعها ورداً في مشاتل قلبه، حكت لي إن الشجر حزين وأن البحر يخبئ كل الصدف المرجاني ليوم عيد، وأن القمر ما عاد يرسم درباً للعشاق، وأن السنديان اعتذر وبكى حزيناً، وعشتاروت اعتكفت في معبدها تصلي وتوقف طقوس الحب معلنة أن الحب مع الجرذان حرام، وأن رمال الصحراء العربية ما عادت تخبئ حر الصيف، وأن أبواب السماء انفتحت تعلن أن زهرة الليمون إلهة جديدة، وأن مياه النهر المتدفق فرت هاربة من دون طريق، حتى عروق الأرض المتعطشة دوماً للأمطار جفت معلنة أن الوقت ليس ربيعاً ... الآن في هذا العالم الغريب تندفع الذكريات كشريط سينمائي ...حلقات ...حلقات ... إنها الروح تفتش عن مادة للحياة ... عن امتدادها وشطآنها الدافئة حيث كانت تعيش...روحي التي ترفض التخثر والموت فتنشد نشيد البقاء وترانيم العشق الأبدي...تبحث في سجنها عن أجمل ما تمتد عليه وتقتات منه نسغ الحياة، إلى حيث يمكن ان تعيش فصولها، إلى ما يحتضنها ويدفئها ويغرس فيها رعشة الحياة ودفقها الدافئ، تفتش عن أجمل ما في الحياة من أجل الاستمرار ...الآن على ضفة عالم الغربة أرحل إلى تلك اللحظات المخبأة في أعماق الزمن كي أفلت من اللحظة التي أعيشها الآن...أرحل إلى تلك الفتاة التي عشقتها يوماً... فلا داعي لروحي إذاً أن تخلق طيف امرأة ما أو مغامرة عاطفية من الخيال...إن روحي ترحل من هذا المكان، من بين تلك الجدران الباهتة والقضبان الباردة، من مكان لا أمان فيه ولا فضاءات، لا امتداد ولا تدفق، إنه عالم شحيح يعج بالرتابة والروتين والتكرار المقيت، عالم يفتقر إلى أي اخضرار يذكر بالحياة، عالم تلفه الألوان الرمادية وكأنه العدم، إنه عالم الكلمات المحدودة والقواميس البسيطة لكن المعقدة العصية على الفهم، عالم لا يوجد فيه ثرثرة عذبة لحذاء امرأة على بلاط غرفتي، ولا ظل لأنوثة على مائدتي، يجعلني أغمسها في كل لقمة آكلها، هنا وقع أحذية ثقيلة يضج بها المكان دائماً ليل نهار، فيه قرقعة مفاتيح كبيرة تذكر الإنسان بزرائب الحيوانات في القرى النائية والبعيدة عن المدن...إن السجن يشكل قوة تدمير هائلة تسعى إلى سحق الإنسان سحقاً لا رحمة فيه للبنية الروحية والنفسية والعقلية للإنسان، وقد يشكل وقوف حبيبة أو أي امرأة إلى جانب السجين طيلة فترة السجن أكبر قوة حامية من التدمير النفسي والعقلي، فهي لا تحمي الروح من الانحطاط والتصحر الوجداني فحسب بل هي من تجعل العالم الروحي للسجين أكثر غنىً وتنوعاً وأشد خصباً وتفجراً وارتقاءً، حتى التماسك العقلي وصفاء التركيز الذهني لا يمكن له أن يوجد من دون التماسك الوجداني الذي يكون من خلال التواصل مع حبيبة أو أي امرأة... ". وختم الكلام حول هذا الموضوع بالقول: بأن مكانة المرأة في عالم السجين وصلت حداً كان يجعل خبراً بسيطاً يأتي من الحبيبة من خارج السجن يقود في كثير من الحالات إلى الانهيار النفسي والروحي للسجين إذا كان خبراً سلبياً أو قد يدفعه إذا كان خبراً إيجابياً إلى مزيد من التماسك الروحي والنفسي والعقلي وحتى السياسي، وقد كنت محظوظاً أن المرأة التي كانت تنتظرني وهي زوجتي حالياً كانت في منتهى الروعة والإيجابية، وكان لها الفضل الأول في تخفيف آثار عالم السجن والقدرة على مقاومتها وتجاوزها أثناء الإعتقال وبعده.                  تجربة حزب العمل الشيوعي من عام 1976 الى عام 1992 والذي شكل خلال عقد من الزمن الشاغل الوحيد لأفرع الأمن السوري. الآن وبعد عقدين من الزمن كيف  تقيم هذه التجربة الثورية؟؟؟._لن أتناول تجربة حزب العمل الشيوعي من الداخل، فهذا شأن الرفاق الذين عايشوا هذه التجربة من داخلها بالمعنى التنظيمي وعبر كل مراحلها المختلفة. لكن أسمح لنفسي كأي سوري مهتم بالشأن السياسي العام إعطاء تقييم سياسي لتجربة حزب العمل الشيوعي وأي تجربة حزبية عرفتها الساحة السورية، وهنا سأتناول جانبا واحدا من التجربة السياسية لحزب العمل، وحيث التقييم الشامل يحتاج الى مساحة لا يوفرها هذا اللقاء، وهنا أقول بتكثيف شديد بأنه بدءاً من أوائل الثمانينيات من القرن الماضي ومع بدء طغيان المد الديني في سوريا كما كل ساحات المنطقة ومع ارتفاع وتيرة وشدة قمع النظام السوري للقوى المعارضة فإن توسع وانتشار قوى اليسار التحرري المناهض للاستبداد الاسدي كحزب العمل الشيوعي، والحزب الشيوعي ، المكتب السياسي، وحزب البعث الديمقراطي، توقف تقريباً في كل الأوساط وخصوصاً في أوساط الأغلبية السنية، وحيث يمكن القول أن أول آثار المد الديني في سوريا انعكس على حالة انتشار هذه القوى وسط الغالبية السنية، إلى الحد الذي يمكنني من القول أن بعض الاحزاب أصبحت تعتاش تنظيمياً وسياسياً فقط على استقطاباتها القديمة التي عرفتها في عقد السبعينيات وما قبله من القرن الماضي. وقد تميز حزب العمل الشيوعي عن غيره من قوى اليسار التحرري المناهض للاستبداد الأسدي في قدرته على الاستمرار على التوسع والانتشار في أوساط الأجيال الشابة الجديدة بشكل عام، وفي أوساط الاقليات الدينية والقومية بشكل خاص، إن كان بسبب قياداته الشابة الأكثر قرباً من الأجيال الشابة أو بسبب طروحاته اليسارية الجديدة التي كانت من خارج الأطر الفكرية والثقافية للمدرسة الشيوعية الكلاسيكية أو بسبب خوضه طرقاً جديدةً للنضال السري كانت أكثر قرباً للمخيلة السياسية للأجيال الشابة وأكثر دغدغة لأحلامها الرومنسية وانفعالاتها النضالية المقدامة، وحيث ان الخرق الذي أحدثه حزب العمل الشيوعي في أوساط الشباب شمل الشباب والشابات على قدم المساواة إلى الحد الذي يمكنني من القول بأنه كان يوجد مقابل كل شاب انخرط في الحزب كانت هناك شابة تقابله كتفاً بكتفٍ في العمل الحزبي بكل مستوياته وميادينه العملية القاعدية. وقد جن جنون النظام من قدرة انتشار حزب العمل الشيوعي في أوساط الأقليات الطائفية ولا سيما الطائفة العلوية، فهذا الانتشار جعل حزب العمل الشيوعي يشكل ثاني خطر واجهه النظام بعد خطر الاخوان المسلمين، والخطر الذي استشعره النظام من حزب العمل الشيوعي لا يعود للروح القتالية والنضالية العالية التي ميزت شبابه، كما ميز الشباب الذين انخرطوا مع الإخوان المسلمين، بل كان الخطر متأت من شيء آخر، حيث يمكن القول هنا أن أخطر قوتين سياسيتين واجههما النظام السوري خلال عقدي السبعينيات والثمانينيات هما قوة الإخوان المسلمين من جهة وقوة حزب العمل الشيوعي من جهة أخرى،واذا كان خطر الإخوان المسلمين تأتى من كونهم حاولوا تشكيل عصبية طائفية سنية في مواجهة العصبية الطائفية العلوية التي بدأ النظام بإنشائها فور وصوله إلى السلطة عام 1970 وإذا كان صحيحاً أن النظام استفاد من محاولة الإخوان هذه في عملية تسريع وتحفيز الطائفة العلوية للانخراط في العصبية المزمع إنشائها إلا أن الخطر الذي شكله الإخوان حين بدأت المواجهة في أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات تأتى من خوف النظام من أن يستطيع الإخوان المسلمين جر الشارع السني كله ضده في لحظة لم يكن النظام قد استكمل عملية بناء العصبية العلوية التي يريد استخدامها كركيزة إضافية لركيزته السياسية الطبقية. أما الخطر الذي شكله حزب العمل الشيوعي منذ أن كان في مرحلة الرابطة فقد تأتى من كون وسط انتشاره التنظيمي والسياسي الأساسي بدأ يتجه شيئاً فشئياً موضوعياً باتجاه التركز في أوساط الأقليات ولا سيما الاقلية العلوية، وهو الأمر الذي كان يشكل موضوعياً حالة من تهديم وتخريب وتفتيت كل ما كان يعمل النظام من أجله داخل الطائفة العلوية بهدف بناء عصبية طائفية علوية. وهنا أقول أن النظام الأسدي سعى منذ اليوم الأول لوصوله الى السلطة 1970 إلى ضرب أي قوة سياسية أو اجتماعية أو حتى اقتصادية قد تولد أو توجد بشكل مستقل عنه داخل المجتمع السوري بشكل عام وداخل الطائفة العلوية بشكل خاص، فعملية بناء العصبية العلوية التي كان النظام الأسدي يعمل على بنائها ليل نهار كانت تتطلب أول ما تتطلب الانفراد والاستفراد في تمثيل الطائفة العلوية، لهذا شكل حزب العمل الشيوعي منذ أن كان في مرحلة الرابطة في النصف الثاني من سبعينيات القرن الماضي أكبر قوة دخلت موضوعياً على أوساط الطائفة العلوية بهدف إدراج عمل أبناء هذه الطائفة كما كل أبناء فئات المجتمع السوري ضمن مشروع تحرير المجتمع كل المجتمع من الاستبداد السياسي الأسدي. لقد حصد النظام في زمن الثورة نتيجة ما قام به في مرحلة ما قبل الثورة مرتين أو لنقل بشكل مضاعف. فنجد أن القمع الذي مارسه النظام ضد الحزب وضد بقية القوى السياسية المعارضة طيلة عقد السبعينيات والثمانينيات حتى بداية التسعينيات  كانت نتيجته تصفية هذه الأحزاب ومنها حزب العمل الشيوعي، حيث أصبحت الساحة السورية تعيش حالة من الفراغ السياسي، استطاع النظام أن يملأه بطريقته في كل الأوساط الاجتماعية السورية، وقد كانت أنسب طريقة للنظام لملء الفراغ داخل الطائفة العلوية هي مشروعه المعد دائماً لتكوين عصبية طائفية علوية يرتكز عليها، ولهذا عندما جاء زمن الثورة، فإننا نجدأولاً: إن النظام كان قد استكمل وانتهى من عملية بناء عصبية طائفية علوية تتمحور حوله.ثانياً: إن الطائفة العلوية التي تحولت إلى طائفة سياسية، استطاعت موضوعياً أن تشد إليها سياسيا" موقفها من الثورة" نخبها السياسية بما في ذلك النخب التي طالما وقفت في وجه النظام، وأمضت زهرة شبابها في معارضته وسجونه، ولاسيما شباب حزب العمل الشيوعي، فقد وقع الكثير منهم تحت تأثير ما يمكن أن نسميه بقوة الجذب المغناطيسي للبيئة الاجتماعية التي قد تكون طائفية عندما يتنحى الانقسام الأفقي داخل المجتمع لصالح الانقسامات العمودية الطائفية، وقد تكون هذه البيئة، بيئة طبقية عندما يكون هناك سيادة للانقسام الأفقي وتنحي الانقسامات العمودية داخل المجتمع، وقد تكون البيئة قبلية أو قومية ...الخ من أشكال البيئات الاجتماعية ، ففي البيئة الطائفية يزداد تأثير وفعل قوة الجذب المغناطيسي الطائفي في العادة في المراحل التي يشتد بها الشحن الطائفي داخل المجتمع، وحيث أن النظام قام بهذا الشحن داخل الطائفة العلوية من اليوم الأول للثورة. ففي أوساط الطائفة العلوية كان حمل سيف التمرد ضد النظام، ومناصرة الثورة يلقى مواجهة وقمعا، لا من أجهزة النظام المختلفة فحسب، بل كان هناك قمع من المحيط الاجتماعي القريب والبعيد، من الأقارب أو الجيران أو سكان الحي أو القرية أو من الأهل مباشرة، من الأخ أو الأخت أو ابن الأخ أو ابن العم أو ابن الخال، ومن كل من ينتمي إلى النظام من الأهل من هذا الباب أو هذا الشباك، وقد كانت أدوات القمع تمتد من سيف التبرؤ العائلي وغيره من صنوف الضغط المعنوي، وصولاً إلى ممارسة العنف المادي بكل أنواعه. وحيث أن القليلين هم من استطاعوا مقاومة كل هذه الضغوط أو كانوا بمنأى عنها. من جهة ثانية نجد أن بعض النخب السياسية الحزبية أو غير الحزبية التي لم تقم بأي دور نضالي في مواجهة النظام على مدار خمسة عقود من الزمن، وحيث كانت معارضتها له في الظل وبصوت خجول وجبان، وبعضهم كان جزءا من مكنة النظام. أقول بأن هذه النخب في زمن الثورة ولأنها كانت تنتمي إلى أوساط اجتماعية ثارت بعنفوان واندفاع ضد النظام من اليوم الأول للثورة، ولا سيما في أوساط الغالبية السنية، وكذلك في أوساط الطائفة الإسماعيلية، وطائفة الموحدين الدروز، وأوساط الأقلية القومية الكردية، فإن فعل وإقدام هذه النخب كان يفوق مئات المرات من كانوا تاريخياً في المقدمة في التضحية والإقدام، ولكنهم ينتمون إلى أوساط اجتماعية لم تدخل إلى ساحة المعركة في لحظة الثورة أو ترددت في الدخول إلى ساحة الثورة أو خانت الثورة جملة وتفصيلاً.فإقدام وأثر النخب السياسية في النهاية يأتي من إقدام وأثر أوساطها الاجتماعية الطائفية أو الطبقية. فقوة الجذب الطائفي تشبه قوة الجذب الطبقي في لحظات احتدام الصراع الطبقي، فتجارب التاريخ تقول بأن قوة وشجاعة وإقدام النخب السياسية والثقافية في أي مجتمع تتأتى من إقدام وأفعال وشجاعة الطبقة الناطقين باسمها.وهنا من المهم الإشارة إلى أن الكثير من النخب العلوية المعارضة تاريخياً للنظام إن كان من حزب العمل الشيوعي أو غيره من قوى اليسار التحرري شاركت في الحراك الثوري في الأسابيع والأشهر الأولى للثورة السورية، أو أيدت هذا الحراك كأضعف الإيمان، ولكنها عندما التفتت خلفها ووجدت بأنه لا يوجد لها سند في أوساطها الاجتماعية الشعبية فإن هذا إضافة إلى أسباب أخرى لا مجال لذكرها كلها الآن، منها على سبيل المثال اتجاه وانزلاق الثورة نحو الأسلمة أضعف من همتها وقلل من اندفاعها وفي بعض الحالات انقلب موقفها من الثورة لصالح موقف مضاد للثورة، وحيث أن هذا الإنقلاب كان تجسيدا واضحاً وصارخاً لوقوع البعض تحت تأثير قوة الجذب المغناطيسي الطائفي. أخيراً أقول حول هذه النقطة بأن الفارق بين قوة الجذب في البيئات الطبقية وشروطها عنها في البيئات الاجتماعية الأخرى وشروطها الطائفية أو القبلية أو القومية ...الخ هو في كون الاستقطاب السياسي في البيئات الطبقية لا يتلون في العادة بأكثر من لون وعلم عند طرفي الصراع، فالطرفين واضحين في انتمائهما لقضية طبقية وسياسية محددة وإن كانت متعاكسة، في حين نجد في حالة الاستقطاب والانجذاب في البيئات الاجتماعية الأخرى وجود أكثر من لون وعلم على ضفتي الصراع، فنجد على ضفة: الإنسان الديمقراطي إلى جانب الطائفي والثوري إلى جانب المتسلق، والعلماني إلى جانب الإسلامي...الخ. ونجد على الضفة الأخرى الشبيح إلى جانب اليساري العبودي المخاطي اللزج ونجد من ليس له مصلحة إلى جانب من له كل المصلحة، والعلماني المتشدد إلى جانب الإسلامي، ولكن إسلامي من نوع آخر...الخ  - اتهم اليسار بالوقوف مع النظام رغم أن اليسار قدم الكثير من الشهداء خلال الثورة وقبلها. ما هو تقييمك لليسار السوري وأسباب الإتهامات التي وجهت له؟؟عند تناول موقف اليسار من الثورة السورية، علينا أن نتوقف ونميز دائماً بين عدد من القضايا والمسائل المختلفة: أولاً:علينا التمييز بين نوعين من اليسار، نجد لهما امتدادات في كل الساحات، منذ زمن ما قبل الثورة. فهناك اليسار الذي أسميه باليسار العبودي المخاطي اللزج الستاليني – دكاكين المدرسة البكداشية في الجبهة الوطنية التقدمية التي يقودها حزب النظام - الذي عرف بدعمه ومشاركته للنظام الأسدي في الحكم ولو من موقع الذيل، فهذا اليسار يستحق الإدانة كونه وقف مع النظام تاريخياً، ووقف موقفاً سلبياً وشائنا من الثورة السورية. وهناك في الجهة الثانية اليسار التحرري، كالحزب الشيوعي - المكتب السياسي - وحزب العمل الشيوعي - وحزب البعث العربي الديمقراطي - والاتحاد الاشتراكي الديمقراطي - وحزب العمال الثوري - وفيما بعد حزب اليسار الديمقراطي ...الخ من أحزاب وقوى اليسار التحرري التي واجهت نظام الاستبداد الأسدي على مدى نصف قرن من الزمن، وهي أحزاب تستحق التقدير كونها ناصرت الثورة السورية من اليوم الأول لانطلاقتها. إن عدم التمييز بين هذين النوعين من اليسار يكون في العادة إما نتيجة سذاجة وغباء سياسي عند البعض أو نتيجة الرغبة الواعية في خدمة أجندات سياسية وإيديولوجية معادية لليسار وفكرة اليسار بشكل مطلق أو منافسة لليسار سياسياً وإيديولوجياً.أنا شخصياً لديّ ملاحظات وانتقادات لكل تيارات اليسار ولكن هذا لا يمنع من التمييز بين تياراته المختلفة ومن الخطأ التعميم ووضعها كلها في سلة واحدة. علينا ألّا نكون الوجه الآخر لتيار وفكرة معاداة الرأسمالية والإمبريالية التي يتبناها اليسار العبودي المخاطي اللزج الستاليني الذي لا يميز بين الرأسمالية وبين منجزاتها الحضارية والثقافية والسياسية، وحيث عدم التمييز يتم قصداً لخدمة أجندات الاستبداد ومعاداة الديمقراطية.إن فكرة معاداة اليسار بالمطلق التي تعمل على تكريسها بعض الاتجاهات اليمينية والليبرالية الكلبية، التي لا تميز بين بعض تيارات اليسار التي يمكن أن تساهم سياسياّ وحضارياّ وثقافيا في خدمة قضايا الشعوب الفقيرة والغنية وبين تيارات اليسار الأخرى العبودية التي لا هم لها سوى خدمة نظم الاستبداد وأجنداته،... إن فكرة المعاداة هذه هي الوجه الآخر لفكرة اليسار العبودي المخاطي اللزج الذي يتجاهل ويزدري المنجزات الحضارية الثقافية والسياسية التي حققتها الرأسمالية منذ أن صعدت على مسرح التاريخ حتى يومنا هذا، كما لا يميز قصداً بين تيارات الرأسمالية المختلفة وبين الحالة الاستعمارية والإمبريالية وهنا أقول: علينا ألا نستبدل الثقافة اليسارية الستالينية الكلبية بثقافة ليبرالية كلبية مقابلة، وحيث أن هاتين الثقافتين وجهان لعملة واحدة... إن أكثر ما هو مضحك ومثير للسخرية هنا هو الأصوات الإسلامية أو الداعمة للتيارات الإسلامية التي تنقد اليسار وتتقصد عدم التمييز بين هذا التيار او ذاك من تيارات اليسار بهدف خدمة أجندات إيديولوجية وسياسية آتية من صفوف اليمين الإسلامي أو غير الإسلامي, ومصدر السخرية هنا يأتي من كون مواقف الإسلاميين  وداعميهم من الثورة السورية لم يكن أفضل حالا من موقف بعض تيارات اليسار، فإذا كانت بعض تيارات اليسار قد خانت الثورة لعدم وقوفها مع الثورة وبشكل واضح،  فإن الإسلاميين بغالبيتهم ومعهم الجهات الدولية والإقليمية الداعمة لهم، لم يكن موقفهم أحسن حالاً من مواقف اليسار، حتى ولو بدت مواقفهم في الظاهر بأنها كانت مواقف مناصرة للثورة، فهؤلاء أصبح موقفهم مكشوفاً ومعروفاً للقاصي والداني، فهم من اختطفوا الثورة، وهم من شكلوا الخنجر المسموم الذي طعنها في ظهرها، الأمر الذي يعني أن موقفهم كان شائنا من الثورة حتى لو ادعوا بزعيقهم  عكس ذلك. فهناك من ارتدى عباءة الثورة كما الذئب الذي ضحك على سنيسل ورباب في حكاية أولاد العنزة العنوزية، وهناك من باع قرار الثورة في سوق النخاسة الدولي، وهناك من ارتزق وترزق باسم الثورة.أخيراً أقول: صحيح أن الكثير من تيارات اليسار خانت الثورة وأن بعض تيارات اليسار عموماً لم ترتق إلى مستوى المشاركة الفاعلة في قيادة التحول الديمقراطي في سوريا، ولكن هذا لا يعني أن التيارات الأخرى كانت مؤهلة أكثر من اليسار لقيادة هذا التحول، ولا يوجد أدلة  على فشل الجميع سوى القاع الذي وصلنا إليه. الأمر الذي يعني أن على الجميع إجراء مراجعات نقدية جدية من جهة، ويعني ضرورة الابتعاد عن عقلية وثقافة الإلغاء السياسي والثقافي الكلبي لهذا التيار أو ذاك، وضرورة الإيمان أن الأوطان تبنى بالتشارك بين جميع أبنائه دون استثناء أحد .             -هل من رسالة تود أن توجهها للمنظمات الحقوقية والمجتمع المدني حول العالم بخصوص ملف معتقلي الرأي في سوريا ؟؟؟من المؤكد أني أوجه الرسائل إلى كل من يمتلك القوة والتأثير في هذا العالم للتدخل والضغط على النظام السوري من أجل الإفراج عن كل المعتقلين السياسيين في سجونه، ولو كانت الرسائل تأتي بالفائدة في هذا الملف أو غيره من ملفات الثورة السورية لكنت أنا وغيري من السوريين على استعداد للقيام بتوجيه الرسائل بلا انقطاع وبشكل يومي للجهات المعنية. ولأن المسألة تتعلق بالوقائع على الأرض كما يقال، فإني أقول في هذا الملف كما في غيره، إن تحقيق تقدم يحتاج إلى قوة ضغط على النظام، وهذه القوة للأسف لم تعد موجودة ،فمنذ أن توقف الحراك الثوري السلمي في الشارع لم يعد هناك أي قوة ضاغطة ذات معنى تؤثر على النظام وتحرجه في أي ملف ، فالقوة العسكرية المعارضة التي تمسك بالأرض الواقعة خارج سيطرة النظام، تحولت إلى قوى مرتزقة تعمل لصالح أجندات ومصالح إقليمية ودولية. وقد أصبح همّ هذه القوى في تحرير مدينة "سرت" الليبية أو إقليم "ناغوني كارباخ" في أذربيجان أو انتزاع بعض الأراضي التي تسيطر عليها الوحدات الكردية في شمال شرق سوريا أهم بالنسبة لهذه الفصائل من تحرير المعتقلين السياسيين الواقعين بقبضة النظام. ومثلها المعارضة السياسية الرسمية كالائتلاف أو القوى التي على شاكلته الممولة دولياً والقائمة بالأساس من خلال الدعم الخارجي، فجميعها لا حول ولا قوة لها إلا وفق ما يريده داعميها الدوليين والإقليميين الذين آخر همهم ملف المعتقلين كما باقي ملفات الثورة، وهنا أصل إلى موقف الدول التي تدعي دعمها لملفات الثورة، وأقول أن جميع هذه الدول تبيع الوهم والكذب للسوريين والهيئات المعارضة منذ اليوم الأول للثورة. وإن تحقيق أي انفراجة في أي من ملفات الثورة قد أصبح يحتاج إلى معجزة، في زمن لا يمكن أن تصنع فيه المعجزات إلا من خلال من يمتلكون القوة، الأمر الذي يعني بأنه لا خيار أمامنا الآن سوى انتظار حراك جديد في الشارع السوري، قد يأتي  ويؤمن هذه القوة، واذا كان احتمال حدوث هذا الحراك بعد كل ما حدث يشبه المستحيل، فإني أقول لا خيار أمامنا سوى انتظار المستحيل.غنت السيدة فيروز يوماً: وحدن بيبقوا متل زهر البيلسان، وحدن بيبقوا بيقطفوا وراق الزمان ..وكي لا يبقوا وحدهم سنظل نستذكرهم ونستحضر نضالاتهم وعذاباتهم وتجاربهم إلى أن يأتي يومٌ ينكسر فيه القيد، ويتحوّل مهجع السجن إلى مسرحٍ أو مقهى أو معرضٍ فنيٍّ .
أكمل القراءة

2023-03-16

صدور رواية "جمهورية الظلام" .. ل : فواز حداد

مجلة القبضة - رصد

صدور رواية "جمهورية الظلام"فواز حدادرياض الريس للكتب والنشر - بيروتمن الكتاب: .... سيشرح لها تلك المعجزة التي لا تنازل عنها، معجزة صنعتها انقلابات تتالت، كلفت مؤامرات واغتيالات وإعدامات وحروبًا وتحالفات ومجازر ومساومات وتضحيات وخيانات وسجونًا لا يخرج منها سوى الأموات أو الذين في النزع الأخير... هكذا وُلد النظام المعجزة. لن يزول، ولن يُضحى به. هذه الحرب لم تكن إلا ليترسخ، الرئيس الخالد أعده كي يستمر إلى الأبد."لكن ماذا عن...؟"."لن يستمر إلا برحيله".نحن نبني نظامًا جديدًا في العالم، نقدم مثالًا لا نظير له، ليس جمهوريًّا ولا ملكيًّا، لا رأسماليًّا ولا اشتراكيًّا. إذا كان سيشرّش في كوكبنا فلأنه يرنو إلى عالم نهائي، رؤساء الدول يرغبون في نسج صنو لنظامنا، ويتمنون اعتماد الوراثة حلًا لمهزلة الديمقراطية والانتخابات وتداول السلطة. هذا نزوع دفين لديهم، آن ظهوره، سيسترشدون بنا. نحن التجربة الفريدة للأنظمة التي ستتحكم بالعالم، تواطأوا على أن يدعوا بلدنا في أتون الاختبار، إن نجحنا، سيقتدون بنا. عندما تنفرط الديمقراطية في دولة كبرى، ستتساقط باقي الدول كما أحجار الدومينو.أمعنتِ النظر إليه، أحسّت بالخوف من عينيه المحدقتين إليها، لم يكن يراها، كان يرى ما يتراءى له، ماذا كان؟ لم تصدق عينيها، على وجهه، تلمحت المرشح لقيادة الحركة التصحيحية، طمأنها:"النظام باقٍ، النظام أبدي" تمتم مؤكدًا.
أكمل القراءة

2023-03-16

الجندرما التركية تقتل سوريين يحاولون الهروب من مناطق الحرب على الحدود التركية السورية

مجلة القبضة - رصد

تداول ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي صوراً للاجئين سوريين تعرضوا للاعتداء والضرب المبرح على يد حرس الحدود التركي، ما أسفر عن وفاة أحدهم وإصابة الآخرين بكسور وجروح شديدة.وبحسب صفحات محلية فقد تعرض 8 لاجئين سوريين حاولوا دخول تركيا، إلى الضرب المبرح على يد الجندرما، أحدهم فارق الحياة متأثراً بإصابته، في حين أن اثنين آخرين معرضين لخطر البتر في الأعضاء نتيجة الجروح الشديدة. وأضافت الصفحات أن باقي من تم إمساكه من اللاجئين السوريين قد أصيب بكسور في العديد من أنحاء الجسم نتيجة الضرب بأدوات حادة، مشيرة إلى أنهم قد تم تسليمهم إلى معبر باب الهوى بإدلب. كما نشرت صوراً لشاب متوفى وآخرين تظهر عليهم علامات الضرب الشديد بجميع أنحاء جسدهم، فيما البعض منهم قد كُسرت يده أو قدمه، وفق الصور المنشورة.هذا وقد أقدمت السلطات التركية على اعتقال الإعلامي السوري أحمد الريحاوي بعد اجرائه مقابلة مع خبير استراتيجي تركي حول ذات الموضوع بتهمة الشوشرة ونشر الأخبار الكاذبة وتشويه صورة الدولة التركية وبالرغم من رفض القضاء التركي لمذكرة الاعتقال ما زال السيد ريحاوي معتقلا وأنباء تتوافد من مقربين له عن تعرضه لخطر الترحيل خارج تركيا .
أكمل القراءة

2022-12-01

متلازمة ال (عيب ) و (المابيصير هيك)

عمر حمزة

  ثقافة أو لربما مصيبة. حملها أغلب السوريين في حقائبهم اثناء رحلتهم المرعبة في ذاك القاتل المطاطي المسمى "بِلم."ورغم سقوط الكثير من أمتعتهم وربما نقودهم أثناء تلك الرحلة، ظل "العيب" ملتصقاً ثابتاً كالصمغ بحقائبهم وصدورهم. شيء يشبه العار الذي يلاحقنا. والمشكلة في ذلك العيب أنه يشبه "البِلم" في بُنيتهِ المطاطية. أو كقالب الصابون. كلما حاولت الإمساك به من طرف، خانكَ وأفلت منك من الطرف الآخر.لا تعريف ثابتاً له. لكل حضارةٍ عيبها الخاص بها، والذي لا نستطيع إسقاطه على الحضارات والثقافات الأخرى. فظهور البطن وسُرة المرأة عند الهنود أمر غير معيب بينما ظهور شيء من كتفها عيب وعار.  وحضن التحية أو قبلة الخد بين الرجل والمرأة في أوروبا أمرٌ طبيعي لا يثير التساؤلات والنظرات المريبة. بينما رمي القمامة في الطرقات عندهم عيب كبير، وهو ما نعتبره في بلادنا حق مشروع. هذه الاختلافات في ثقافة العيب أمر مقبول من حيث المبدأ. (إيه بس نحن ما عنا مبدأ سيد راسي). إيه نعم !!.. فنحن نريد تصدير فكرة (عيب عليك) إلى المجتمعات التي انتقلنا إليها، بل وفرضها عليهم. بينما نرفض في المقابل ما لا يرونه هم عيباً، بل ونصارعهم عليه.وقد يصل بنا الأمر لنتظاهر نصرةً لفكرة عيبنا التي نعتنقها. كإصرارنا على إجبار الجميع احترام معتقداتنا ورموزها، في ذات الوقت الذي ندعو عليهم بمكبرات الصوت في مساجدنا، ونلعن نساءهم وأطفالهم وسلسفيل جدودهم.أو كالمرأة العورة، وخصلات شعرها "اللي عيب تظهر" والتي لا تثير إلا العربان في الواقع.وكفها الذي إن صافح كف رجل قد يجعل ذلك من زوجها عرصاً أو ديوثاً. يا رجل حتى ضحكتها إذا "لعلعت" على قولة المصريين، البعض يعتبرها "جريمة عيب."  استفسار من الابن أو الابنة عن الجنس هو عيب. مع أن الجنس مسيطر على ثقافتنا وأفكارنا بل وفقه فقهائنا الأوادم.. الحديث عن المثلية بواقعية هو عيب. يا رجل حتى وصفنا لها بـ "مثلية" هو عيب ولا يجوز. اسمها شذوذ يا مندمج يا اللي نسيت أصلك وصار ما عندك حياء ولا دين. يا أخي حتى الحديث عن عيوب مجتمعاتنا بحد ذاته عيب. فنحن كاملين مكملّين وعين الله تحرسنا من عين الحسود. وباقي شعوب العالم عرصات وولاد ستين كلب. كل ذلك وغيره مما لن يسعفني الوقت لذكره. حملناه مع ثيابنا وهمومنا وخيباتنا من تلك البلاد التي لفظتنا في عرض البحر إلى بلاد ليست مثالية، لكنها واقعية، تحترم اختلاف الآخر بل وقد تستفيد منه.انظر يا رعاك الله إلى اهتمامهم بالمطبخ السوري والأدب والفنون. حتى الدبكة والعراضة الشامية عرفوها. بينما رفض أغلبنا صالحهم قبل طالحهم، وتقوقع على نفسه وفرض قوقعته على زوجته وأولاده مكتفياً بأن يكون شيئاً غير قابل للاندماج مع حضارة لا تختلف كثيراً من حيث المبدأ عن حضارة بلاده، باستثناء إنهم لا يقلبون (الشحاطة) ولا يدخلون الحمام برجلهم اليسرى. وعندما يقومون بما هو عيب بالنسبة لنا، يقومون به على عينك يا تاجر، بينما نحن نقوم بالعيب تحت الدرج وبين الشجر. 
أكمل القراءة

2023-02-26

أمي.. عازفة بيانو!

محمد ماجد حواصلي

اشتهر أداء والدتي السيدة أناليزا شتالكنشت الحواصلي بأسلوب متميز ولون نغمي وإثارة عامة. كانت قادرة على تحقيق مآثر تقنية ملحوظة، وأداء أهم القطع الموسيقية مثل عزف الحركة الثانية من "كونشرتو بيانو موزارت رقم 20 / Mozart's Piano Concerto No. 20" والحركة الثانية من كونشيرتو البيانو "شوبان رقم 1 و 2 / "Chopin Piano Concerto Nos. 1 & 2" وليست الرابسودي المجرية رقم 2 "Liszt: Hungarian Rhapsody No.2" و"بيتهوفن: إلى إليز / Beethoven's Für Elise" وأغنية "ستصل سفينة / Ein Schiff wird kommen". كانت أصابعها تحلق على مفاتيح البيانو، مع الضغط عليهم وفق رقة أو قوة النوتة المطلوبة. كنت اصطحبها إلى دار الأوبرا أو قاعة المؤتمرات لحضور الحفلات الموسيقة، كانت تضغط على يدي عندما يرتكب عازف البيانو أو الكمان، أو أي آلة أخرى، خطأ ما "نشاز"، وكذلك كانت تتأثر عندما يؤدي العازف أداء جيداً.عندما كانت فرقتنا تتدرب في سقيفة المطبخ، توقفنا وتقول لخالد حداد (عازف الباص) أو أخي رسلان (مغني الفرقة وعازف الجيتار): "وتر الغيتار الثاني أو غيره بحاجة لـ "دوزان".  في يوم من الأيام طلبت من عازف البيانو المحترف أحمد أصيل "رحمه الله" أن يزورني بالمنزل لـ "دوزنة" البيانو، دهش عندما شاهد البيانو وقال لي: "بيانو هوفمان؟ أنه واحد من أهم الماركات العالمية، من أين حصلت عليه؟"أجبته: "هذا ما طلبته الوالدة من والدي فور وصولها إلى دمشق سنة ١٩٤٥، وقد حقق والدي (رحمه الله) رغبتها على الفور."طلب (أحمد أصيل)، الذي كان يعزف في "لوبي" فندق "الفردوس" دعوتها للفندق للتعرف عليها، أقترب من طاولتنا بعد الاستراحة وطلب منها أن تعزف أي مقطوعة، جلست خلف البيانو بثقة وثبات وبدأت عزف "ليست: الرابسودي الهنغارية رقم 2 " ثم أغنية "ستصل السفينة" اندهش أحمد بعد سماعه عزف أمي وقال لي: "إنها عازفة محترفة"، ثم رافقها إلى طاولتنا وقّبل يدها، وشكرها لتلبية طلبه. لقد كانت أمي السبب الرئيس لإعجابي بالموسيقى الكلاسيكية، كنتُ أسألها عندما كنت أستمع إلى عزفها وأنا طفل عن أسم المقطوعة التي تؤديها، وكانت هي السبب لتأسيس محلي "كلاسيك للموسيقى / Classic Music Shop"، بعد أن أسست بفضلها مكتبة موسيقية من خلال الأقراص المدمجة "CD’s" التي كنت أوصيها أن تجلبها لي من ألمانيا. رحمها الله.-----------------
أكمل القراءة

2023-03-16

بربرية النظام في سوريا .. للكاتب : نبيل ملحم

نبيل ملحم

 علينا أن نتذكر أن نظام زين العابدين بن علي في تونس سقط خلال 27 يوم من التظاهر السلمي في الشوارع والساحات التونسية من 17/12/2010 إلى 14/1/2011, وأن نظام حسني مبارك في مصر سقط خلال 18 يوم من التظاهر في الشوارع المصرية والاعتصام في ساحة التحرير وسط العاصمة القاهرة من 25/1/2011 إلى 11/2/2011, وعليه يمكن أن نفهم ونعي استراتيجية النظام السوري منذ اليوم الأول لانطلاقة الثورة السورية في 18 / 3 / 2011 والقائمة على ممارسة أقصى حالات العنف البربري مع استراتيجية الاستفادة من عامل الوقت وكسب الوقت. وهنا علينا أن نتذكر دعوة النظام وبهدف كسب الوقت والمماطلة لمؤتمر للحوار الوطني بتاريخ 10/7/2011برئاسة نائب الرئيس فاروق الشرع، في مجمع صحارى قرب دمشق، من دون موافقته على شرط كل أطياف المعارضة بإيقافه للعنف والقتل الذي كان يمارسه بحق المتظاهرين السلميين في الشوارع السورية، وبشكل يومي وعلى مدار الساعة كشرط لحضور المؤتمر، وكشرط للحوار الجدي الحقيقي الذي يمكن أن يصل إلى نتيجة, كما علينا أن نتذكر مراوغة النظام والشروط التي وضعها من أجل الموافقة على استقبال لجنة تقصي الحقائق التي قررت إرسالها جامعة الدول العربية إلى سوريا أواخر عام 2011م، وسعي النظام إلى إطالة المفاوضات من أجل الاتفاق على القضايا البروتوكولية من مثل مكان إقامة اللجنة والجهة المسؤولة عن حمايتها والطرق التي ستسلكها في سوريا والمناطق التي ستزورها والجهة التي تمولها ...إلخ من القضايا التفصيلية، التي كان الهدف من طرحها إطالة زمن المفاوضات إلى أطول مدة ممكنة، وهو الأمر الذي أخّرَ عمل وقدوم اللجنة إلى سوريا حوالي الشهر والنصف من 2/11/2011 إلى 22/12/2011، ثم بعد ذلك اتبع النظام السوري سياسة المراوغة عند دراسته لمبادرة الجامعة العربية بتاريخ 22/1/2012 لحل الأزمة السورية سياسياً على طريقة المبادرة الخليجية لحل الأزمة اليمنية، والتي كان كل ذي عقل بالعالم يعلم أن النظام سيرفضها من اليوم الأول، ولكنه راوغ في دراستها والتفاوض عليها وكسب الوقت بحجة دراستها, وهنا كلنا نتذكر الجولات التفاوضية بين الجامعة العربية وبين ممثلي النظام من وزير خارجيته ومندوبه في الجامعة العربية والجولات المكوكية بين القاهرة والدوحة. لقد كان النظام في كل ذلك يلعب على كسب الوقت وكأنه ينتظر حصول شيئاً ما, فما هو الشيء الذي كان ينتظره النظام ؟؟؟ وما هي الطبقات العميقة لاستراتيجية النظام إن كان في كسب الوقت أو في ممارسته لأقصى حالات العنف البربري ضد شعبه ؟؟؟؟ لقد كان يهدف النظام من ذلك كله إلى : أولاً : الرهان على إعادة السوريين إلى بيت الطاعة من خلال إخافتهم من عصا القمع البربري، ومن خلال استنزاف واستنفاذ المخزون النضالي للشعب السوري مع الزمن, وقد تكشف للنظام كما للعالم أجمع فيما بعد أنه مخزون أسطوري لا ينضب وأنه مخزون غير مسبوق في التاريخ البشري. ثانياً : في حال فشل الرهان الأول فقد كان النظام يهدف إلى خلق وتوليد سياق طويل من المظلومية والعسف والبربرية لتوليد العنف المقابل، وبما يعني دفع الحراك الثوري والثورة إلى خندق العسكرة. ثالثاً : إعطاء فرصة ومساحة من الوقت للحركات الجهادية الإسلامية المتطرفة كي تتوافد إلى الأراضي السورية، وإعطاء فرصة وزمن للداعمين الإقليميين والدوليين كي يمدوا بالسلاح هذه الحركات، وهو الأمر الذي يوفر للنظام الدليل العياني لكذبته التي ألصقها بالثورة منذ اليوم الأول ونقصد تهمة الإرهاب التي ألصقها النظام بالثورة والحراك الثوري في سوريا, كما يعطي للنظام دليل لكذبته بأنَّ ما يحصل في سوريا كان محض مؤامرة كونية رجعية امبريالية, وهنا يمكن أن نضيف؛ رابعاً : إن سياسة كسب الوقت كانت ضرورية للنظام ليأخذ فرصة ووقت ومساحة لدبلوماسية النظام كي تعقد الصفقات وترسل الرسائل للدول المؤثرة في قرار المنطقة ( وحيث تشكل سوريا قلب المنطقة العربية )، ونقصد هنا إسرائيل وأمريكا تحديداً, وهنا كلنا يتذكر الرسائل التي كان يرسلها النظام إلى إسرائيل حول مكانة وموقع ووظيفة النظام في حماية أمن إسرائيل، ونشير هنا إلى التصريح الصحفي لرامي مخلوف ابن خال الرئيس، وأحد أفراد المافيا الحاكمة في سوريا، لأحد الصحف الأمريكية في الأيام الأولى من انطلاق الثورة السورية، حين بعث فيها برسالة تقول إن أمن إسرائيل هو من أمن النظام. كما إن سياسة كسب الوقت أعطت فرصة للنظام ليطرح مسألة بيع سوريا في السوق السوداء السياسية الدولية مقابل الحفاظ على رأس النظام من السقوط, وهو الأمر الذي أثار لعاب الكثير من الدول الإقليمية والدولية بدءاً بإسرائيل وأمريكا ووصولاً لروسيا بوتين صاحب الشهوة للإمبراطورية القيصرية، والذي اندفع بقوة للاستثمار في نظام الأسد ورأس الأسد وشراء ما يحتاجه ( بالتنسيق مع من قاد المزاد في هذه السوق، ونعني هنا التنسيق مع الإسرائيليين والأمريكيين ) من طموحات إن كان في سوريا أو في المنطقة العربية بشكل عام. وفي هذا السياق يمكن أن نتذكر كيف أن عدم سقوط النظام السريع للأسباب التي سنذكرها في السطور التالية أتاح له إيجاد شايلوك الروسي (بوتين), حيث عقد معه صفقة تم بموجبها ضمان الفيتو الروسي في مجلس الأمن الدولي والذي كان يعني عملياً على أرض الواقع إعطاء فرصة ومساحة كبيرة من الوقت للنظام للاستمرار في الإيغال في الدم السوري كما يشاء وحيثما يشاء، مقابل إعطاء روسيا بوتين ما تريده من مصالح وموقع يلبي شهوات وطموحات بوتين في تنصيب نفسه قطباً دولياً وقيصراً جديداً على الروس وعلى محيط روسيا الجيوسياسي. وإذا كان رهان النظام على عودة السوريين إلى بيت الطاعة الأسدي قد فشل فشلاً ذريعاً، إلا أن الرهان الثاني والثالث والرابع فقد تحقق كما كان يحلم ويخطط النظام، بل حتى حصل على نتائج تفوق ما توقعه هو ذاته. وقد نجحت استراتيجية النظام في الاعتماد على أقصى حالات القمع البربري مع استراتيجية الاستفادة من عامل الوقت للأسباب التالية : أولاً : إدارة البرجوازية السورية ظهرها للثورة، وهنا أشير تحديداً إلى طبقة كبار رجال المال والدين مع ملحقاتها الدينية والاجتماعية من قبيسيات وغيرهم من أصحاب المصلحة والامتيازات مع النظام الاسدي في مدينتي حلب ودمشق عاصمتي سوريا الاقتصادية والسياسية، وهو الأمر الذي أخّرَ الحراك الثوري في أهم مدينتين في سوريا ( من ناحية المكانة وعدد السكان )، كما أن ذلك منح للنظام وقت للمناورة وكسب الوقت، ومنع السقوط المفاجئ والسريع للنظام, وهنا من المهم أن نضيف إلى ذلك عامل لا يقل أهمية عن العامل السابق وهو امتلاك النظام إلى فائض من القوة توفر للنظام من خلال العصبية الطائفية التي وقفت إلى جانبه مع الجيش الذي تم بناؤه بالأساس لحماية النظام وتحديداً رأس النظام, وهو الأمر الذي لم يتوفر لنظام بن علي في تونس أو نظام مبارك في مصر. إن توفر هاتين القلعتين – الطبقية والطائفية – شكلاتا للنظام ما يوازي في علم الهندسة الانشائية الزلزالية – وهنا أتحدث بوصفي أحمل رتبة مستشار وصاحب خبرة في هذا العلم والاختصاص - ما يمكن تسميته بجدران القص المقاومة للهزة الزلزالية التي احدثتها الثورة السورية. فجدارا القص الطبقي والطائفي كانا كفيلين بامتصاص قوة الهزه الزلزالية التي احدثتها الثورة السورية في أيامها وأسابيعها وأشهرها الأولى في البناء الداخلي للنظام، امتصاص أعطى البناء الداخلي للنظام الوقت والفرصة لتفعيل وتشغيل كل العناصر الانشائية التي تحمل هذا النظام، فكان أن أحدثت هذه الهزة الكثير من الانهيارات والتشققات في دعائم وركائز النظام – العسكرية والسياسية والاجتماعية - إلا انها لم تستطع هذه الهزة نتيجة لتوفر جدران القص هذه من تدمير وتداع سريع وخاطف لكل البناء الداخلي الذي انشأه النظام على مدار ما يقارب الخمسة عقود من زمن وجوده. فكان إن أعطب البناء ولكن من دون أن يقود ذلك إلى موت ساكنيه وعلى رأسهم رأس النظام. ثانياً : خبرة وعلاقة النظام التاريخية مع الحركات الجهادية الإسلامية المتطرفة والإرهابية، ونعني هنا علاقة النظام التاريخية مع الجهاديين في العراق والجهاديين الذين كانوا في سجونه، والذين تم إطلاق سراحهم قصداً، وأصبحوا فيما بعد من أشهر قادة الفصائل الإسلامية الجهادية المعارضة للنظام, وهنا علينا أن نعترف أن النظام كان تقديره صحيحاً لسياسة وأهداف الدول الإقليمية التي ستندفع سريعاً لتحويل الربيع السوري كما العربي إلى ربيع إسلامي، وهو الأمر الذي كان يريده وينتظره النظام بفارغ الصبر. ثالثاً : اعتماد النظام استراتيجية البقاء في مراكز المدن والسيطرة عليها، كون السيطرة عليها تمثل رمزاً للسيطرة الإدارية والسيادية الرمزية والمعنوية على الجغرافيا السورية, كما أن ذلك يحد من خطر الحركات الجهادية الاستراتيجي فيما لو قُدِمَ لها دعم إقليمي ودولي فعال. رابعاً : استراتيجية الانسحاب من الأطراف لإعطاء فرصة للحركات الجهادية للسيطرة على الأطراف، وبما يعني سيطرتها على الحراك المدني السوري السلمي، كون الأطراف في سوريا شكلت مركز ثقل الحراك والثورة السورية, فبهذه السياسة وضع النظام الحراك والثورة مباشرةً تحت رحمة ونفوذ الحركات العسكرية الإسلامية الجهادية, وهذا ما تحقق على المدى الطويل، وهو الهدف الأساسي والعميق لاستراتيجية النظام التي اعتمدها في كسب الوقت. خامساً : لقد قادت استراتيجية النظام في التمترس والتمركز في المدن والتخلي عن الأطراف إلى عزل الحراك الثوري والثورة في الأطراف عن عمقها الاستراتيجي البشري والمدني والثقافي والتعددي, وهو الأمر الذي قاد من جهة أولى إلى حصر الثورة في المناطق الأكثر فقراً والأكثر تهميشاً والأقل ثقافة داخل المجتمع السوري ولاسيما بعد ملاحقة النظام للنخب السياسية والثقافية الناشطة في الحراك الثوري من أبناء هذه المناطق، والذي كان مصيرهم إما الموت والتصفية في سجون النظام أو في ساحات وشوارع التظاهر، أو الفرار إلى خارج البلاد، وهو ما أدى إلى ترك هذه المناطق تعيش حالة فقر ثقافي قياساً بالمناطق المدنية التي تشكل الحاضن والوعاء البشري الذي يتم من خلاله نقل المعارف والثقافات والتعرف على كل الهويات والانتماءات التي تشكل النسيج الاجتماعي السوري, وهنا وجدت الفصائل الإسلامية التي سيطرت على هذه الأرياف، بيئة ثقافية بسيطة من السهل تجييرها وابتلاعها بثقافة الإسلام السياسي الجهادي، مستغلةً في ذلك ليس قلة الثقافة والوعي فحسب، بل المظلومية الغير مسبوقة التي يمارسها على مدار الساعة وبشكل ممنهج نظام بربري له مصلحة في دفع سكان الأطراف الثائرة إلى حضن الحركات الإسلامية الجهادية. ومن جهة ثانية قادت استراتيجية فصل الأطراف عن المدن إلى استفراد النظام بسكان المدن، أو لنقل المناطق التي يسيطر عليها، والذي قاد مع مرور الوقت إلى إعادة بناء جدار الخوف من جديد في المناطق التي يفرض سيطرته عليها، الأمر الذي انعكس في موت ونهاية الحراك السلمي المدني في كل المناطق الخاضعة لسيطرة النظام. وهنا يمكن القول أن النظام كان يعمل بسياسة واستراتيجية أهون الشرين: - فأولاً: العمل على عسكرة الثورة هو شر أقل على النظام من شر بقاء الثورة سلمية مدنية تقودها نخب سياسية وثقافية تؤمن بالديموقراطية ومبادئ وقيم الثورة الديموقراطية, فهنا لا يملك النظام أي ذريعة ومبرر وحجة وغطاء لاستخدام العنف البربري الممنهج إلى ما لانهاية من الزمن. - ثانياً : كما إن العمل على تسليم الثورة في الأطراف للإسلام السياسي الجهادي هو شر أهون على النظام من شر استلام قيادة الثورة والعمل العسكري في هذه الأطراف من قبل الجيش الحر, فتسليم المناطق الطرفية للحركات الجهادية ( علينا أن نعي أن الكثير من المناطق العسكرية في الأطراف تم تسليمها إلى المجموعات العسكرية الجهادية عن سابق إصرار وتصميم من قبل النظام ) هو شر أقل على النظام من شر سيطرة الجيش الحر على هذه المناطق, فسيطرة الحركات الإسلامية الجهادية كان يعطي للنظام حجة وذريعة لممارسة أقصى حالات العنف البربري الممنهج بحق سكان المناطق الثائرة والخارجة عن سيطرته، من خلال كل ما يملك من قوة وأسلحة ثقيلة بدءاً بالدبابات وصولاً للطائرات والصواريخ المدمرة للمدن بحجة محاربة الارهاب.ولقد كانت حصيلة استراتيجية النظام القائمة على ممارسة أقصى حالات البربرية مع كسب الوقت، بالإضافة إلى الدمار والموت الذي لحق بالسوريين، أن كان النظام قد حصد على: * أولاً: سيطرة تنظيم الدولة الاسلامية - داعش- مع جبهة النصرة على أغلب ومعظم المناطق والأراضي السورية الخارجة عن سيطرة النظام، * وثانياً : إلصاق تهمة الإرهاب بالثورة، وذلك لا بمساعدة حلفائه من إيرانيين وروس وعراقيين وغيرهم فحسب، بل بالاشتراك مع من أدّعى صداقة المعارضة والثورة السورية، وأقصد هنا الولايات المتحدة الأمريكية التي وضعت على سلم أولوياتها في سوريا مهمة محاربة الإرهاب، بعد أن كانت في السنوات الأولى للثورة تدّعي أن من أهم أولوياتها ضرورة تنحّي الأسد عن السلطة، * وثالثاً : قطفَ النظام ثمار سياسة الحصار والتجويع والقتل الذي مارسه بحق المدن الثائرة والخارجة عن سيطرته، من خلال سياسة ما أُطلق عليه بالمصالحات، والتي لم تكن في جوهرها غير فرض الاستسلام على المدن الثائرة من خلال تهجير سكانها الأصليين من بيوتهم وأرضهم وسيطرة النظام وميليشياته عليها. وبدءاً من أيلول عام 2015م، ومع الحملة العسكرية الروسية على سوريا، وتحديداً على المناطق التي لا تقع تحت سيطرة داعش أو جبهة النصرة، وهي الحملة التي لم يكن لها أن تكون لولا التواطؤ والموافقة الأمريكية على مجرياتها ومخرجاتها، بدأت مرحلة جديدة من استراتيجية النظام في ممارسة أقصى الأعمال البربرية مع كسب الوقت، ولكن هذه المرة من خلال العصا الروسية والإيرانية بشكل أساسي مع صمت وتواطؤ المجتمع الدولي بهدف دحرجة المعارضة السورية نحو الاستسلام، فكان أن بدأت سلسلة من المفاوضات والمؤتمرات بالتوازي مع الانتصارات العسكرية التي يحققها النظام على الأرض. فكان أول هذه المؤتمرات بعد شهرين من الحملة الروسية على سوريا في فيينا النمساوية بتاريخ 14/11/2015، حيث شكلت قراراته أول انقلاب على مقرارات مؤتمر جنيف الأول، ثم توالت بعد ذلك سلسلة مؤتمرات جنيف واستانه، التي لم يكن لها من هدف سوى دحرجة المعارضة السورية شيئاً فشيئاً نحو الاستسلام بالتزامن والتوازي مع الدحرجة العسكرية التي كان يكسب فيها النظام يوماً بعد يوم الأراضي والمناطق التي كانت خارجة من تحت سيطرته، كما تهدف إلى تفريغ القضية السورية من مضمونها الحقيقي بوصفها قضية شعب يريد التخلص من نظام مجرم وفاسد، وأخيراً كان مؤتمر سوتشي المشؤوم الذي عُقِدَ في بداية هذا العام، والذي سيكون باعتقادي مع ما سيليه من مؤتمرات وجولات تفاوضية، محطة أساسية سيتم من خلالها غربلة المعارضة السورية وصولاً إلى شكل من المعارضة المستسلمة والعميلة الصالحة للحل الذي يبقي الأسد في السلطة، ويحافظ في نفس الوقت على مصالح كل الدول الإقليمية والدولية التي نالت حصة من الكعكة السورية. 
أكمل القراءة

2023-02-04

حزام العفة..

محمد الحاج صالح

كانت أوربا تحت الحكم الديني أثناء الحروب الصليبية وكان "حزام العفة" وقتها منتشراً. حزام يشبه الكلسون وإنما من حديد أو جلد قاس وله قفل وفتحتان واحدة للتبول والثانية للغائط. ما إن ينوي الفارس الصليبي على السفر حتى يوصي على حزام عفة للحفاظ على شرفه في غيابه. الحجاب المتشدد في بعض البلاد الإسلامية له نفس الهدف وإنما بأقل وقعاً.كنا في درس لغة نرويجية عندما طلبت منّا المعلمة أن نحكي نكتة لتتفحّص المدى الذي وصلت له لغتنا. انصدمنا جميعا ومعنا آنستنا عندما حكت الزميلة الصينية الرائعة الجمال الرقيقة جداً الحكاية التالية. قالت: من أحد موانئ الشاطئ الاسكندنافي انطلقت حملة صليبية للاندماج مع فرسان ريتشارد قلب الأسد. وكان "أولاف" فارس اسكندنافي لا يجارى ومتحمس للذهاب إلى تحرير القدس من الكفار المسلمين، ولكن ماذا عن امرأته "كاري" الجميلة؟ اشترى أولاف حزام عفة بقفل متقن. واحتفظ بالمفتاح في كيس الجلد المدفون ذفناً سريّاً في حزامه. وفي الفترة القصيرة للتحضير للسفر التهبت أفكار أولاف، فهو كان يحب زوجته كثيراً. ماذا لو أن المسلمين قتلوه؟ ما الذي سيحصل لامرأته بعده؟ جاءته فكرة أن يودع سراً المفتاح لدى صديقه الصدوق الأمين "تروند" والذي أوكل إليه أيضاً مصالحه إضافة إلى المفتاح. تحركت سفينة الفاينكنغ مغادرة الميناء وراح الجمهور يلوّح للفرسان المغادرين ومن الخلف جاء "تروند" متسربعاً راكضاً وراح يصرخ بـ"أولاف":- أولاااااف أولاااااف المفتاح لا يفتح.كان الأمر مفاجئاً حقاً للجميع في صفنا أن تأني بالحكاية فتاة رقيقة صينية من أقصى الشرق! كيف وصلتها الحكاية؟ لو كنت أنا من حكاها لكان وقعها وقع تنابز كاذب من عدو أبدي. ولكن لا... فتاة صينية من البعيد البعيد! فتاة من حضارة بعيدة بعيدة وصلتها جفاصة الحروب الصليبية وقباحتها.=====
أكمل القراءة